سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

عن الفقد

منذ خلقنا تمت إحاطتنا بالرعاية والإهتمام على مدار الساعة وكنا محور الحياة لبعض الوقت. بدأنا نكبر مع الوقت وبدأ الاهتمام يقل بالتدريج مع زيادة قدرتنا على الإعتناء بأنفسنا شيء فشيئاً حتى تحملنا المسئولية في إحدى المراحل بشكل كامل.

في البداية نحسب أن الحياة خلقت لأجلنا ولأجلنا فقط، وكل ما عدا ذلك مجرد خلفية للأحداث، فإذا مرضنا أو تعرضنا لأي عائق تجد الجميع يعمل على إيجاد حلول إذا توافرت أو تقديم أي مساعدة بأي شكل طالما يمكنهم تقديمها.

مع الوقت نواجه الكثير من المتغيرات التي ندركها ونتعايش معها تدريجياً، ولكن الشيء الأصعب الذي لا نتقبله مهما تعايشنا معه أو مر من زمن هو الفقد الذي يتحدث عنه الجميع وعن كون الإحساس يتغير مع مرور الزمن ليصبح أكثر تحملاً أو يصبح أمر معتاد على الأقل. ولكنني مع مرور الوقت لم أجد الإحساس قد تغير أو قل ولم أتعامل مع أحد رأى الأمر متقبل أو معتاد بعد فترة ببساطة الوصف.

الحياة ستستمر بالتأكيد بي أو بدوني وبدون أحبائي، ولكن لن تجد من يخبرك بهذا، عليك أن تتعلمه في الطريق.  لم أعتد الغياب ولا أعتقد أنني سأعتاده يوماً ما، ربما أنشغل لبعض الوقت ولكن في النهاية يعود الشعور الذي لا أفهمه ولا أستطيع التعامل معه. لقد كان أحدهم هنا للفترة ثم كف عن التواجد بدون مقدمات أو بديل. في العموم لا أؤمن بوجود البدائل، أؤمن أننا نتغير ولا نعود نفس الشخص ولا نعود نفكر بنفس الطريقة ولا نحتاج لنفس المتطلبات، ولكن فكرة وجود البديل بالمعنى الذي يحدثنا عنه الجميع غير حقيقية ببساطة، قد تتوسع دوائرنا ويدخلها أشخاص جدد ولكن من الحمق أن نبحث عن بدائل من خلالهم. في النهاية باختلاف معتقداتنا وإيماننا نعرف جميعاً بأن النهاية الحتمية لكل البشر هي الزوال، لذا شئنا أم أبينا سنتعرض جميعاً للفقد في أحد المراحل وسنعرض له غيرنا في نهاية المطاف.

 ربما للحظات تسألت بيني وبين نفسي عن كيفية إستمرار كل شيء بالرغم مما أعانيه، لماذا يحيا كل هؤلاء بسلام ولا يشعر أحدهم بما أعانيه وبحياتي التي لن تعود كما كانت أبداً؟ كيف للشمس أن تشرق كالمعتاد ولا يتغير أي شيء بالرغم من إنقلاب عالمي رأساً على عقب؟ وكيف ولماذا تستمر الحياة في الأماكن التي غادرتها بدون أن يتوقف كل شيء عن السير كما توقفت أنا؟!

ربما الوقت يمنحنا الهدوء الذي يجعلنا نفكر ونرى، ويجعلنا ندرك أن علينا الإستمرار عاجلاً أم أجلاً لأننا مجرد ترس صغير للغاية في الألة الكبرى، قد يؤثر غيابنا على بعض الأشياء لفترة قصيرة جداً ليستمر كل شيء كما كان. وربما كان الإحساس  مجرد تذكرة حتى لا نقسو على أنفسنا ونحيا ونتقبل كل شيء بسلام فنحن لن نخرج من هنا أحياء على أي حال.