عزة عبد القادر
عزة عبد القادر

د

رقص..وأشياء أخرى…

الرقص هو نوع من فن الأداء يتألف من سلسلات مختارة إراديًا من حركات الجسم، فللرقص أنواع عديدة مثل الرقص القطبي، الرقص بالسيف، والرقص على الخيل والرقص كمجموعات كما في الحفلات ،وقد اشتهر الرقص مع النعام والرقص مع بعض الحيوانات أو الطيور الأخرى. فالرقص عبارة عن حركات الجسم المستمرة وهو يتطلب الموسيقى. وقد ارتبط الرقص عند الشعوب البدائيه بالدين ، فكان نوع من التعبير عن الشعور الجماعى كما عند الهنود الحمر. فهم يرقصون على سبيل المثال لشكر الاله على النصر ، او لطلب النجاح فى الصيد او الزراعه ، أو لطرد الأرواح الشريرة ، أو لتمثيل حدث فى تاريخ قبيلتهم.

الهروب من الواقع …

والآن سينتظرك الجمهور بشغف لأنك ستتحدث عما يحب وفي غالب الأحوال ستأخذ مدونتك أكبر عدد من المشاهدات والإعجابات لأنك في النهاية سوف تخاطب القراء عما يدور في دواخلهم ، ورغم أن الموضوع يبدو في ظاهره تافهاً إلا أنه ليس كذلك في نظر المتعمقين في واقع الحال ، فالمكتئبين والبكاءيين والمصابين بهستيريا الخوف سيجدوا متنفسا في الرقص ، وربما يجد الهاربين من الواقع حياة أخرى في صالة ديسكو ، ولن يختلف الحال مع المسجونين والمحرومين من الحرية فإنهم سيرقصون تعبيراً عن الفرح المزيف لإعلان اتحادهم مع الذئاب التي تأكلهم اعتقاداً منهم أن هذا الامتثال لهم سيحميهم من الالتهام . ولكن هيهات أن يتنازل الذئب عن فريسته.

في داخل كل منا شخص آخر لا يعرفه ، حيث يظل هذا الكائن الغريب كامناً في باطننا حتى يأتي الوقت الذي يكشف لنا عن نفسه لنعرف ذواتنا على حقيقتها بلا تجميل أو رتوش ، وربما يظن البعض منا أنه شخصاً طيباً ملائكياً طيلة الوقت لأن الناس رسموا له تلك الصورة ووضعوه في هذا التابلوه ، مما جعله مقيداً بسلاسل لم يصنعها سوى خوفه ومجاملاته حتى صدق نفسه لكثرة مداحيه وتآلف مع احترافه للتمثيل ، وفي النهاية يظهر له ذلك الإنسان الذي ظل طيلة السنين يخفيه في داخله ، وهنا يفضل أن يلجأ إلى الهروب من نفسه وضعفه إلى عالم آخر .

رقص سياسي .. رقص تعبدي ..

لقد كثرت مشاهد الرقص في الشوارع لتنذرنا بأننا نعاني ، وإننا شعوب مقهورة ،فالمشاهد لا تقتصر على الأفراح أو الانتصار في لعبة كرة ،ولكن المسألة تطورت لنشاهد رقصات في مناسبات دينية و حوادث نفسية و سياسية ،ربما لا يعرف الكثيرين أن بعض العقائد الدينية والفلسفية ترتبط بحركات الجسد , وما يؤكد ذلك بعض أصحاب الطرق الصوفية وأشهرها الطريقة المولوية لمؤسسها جلال الدين الرومي صاحب أشهر مقولة يرددها الصوفية : ( لا يفنى في الله من لا يعرف قوة الرقص ) .

لقد رفض كثير من علماء الدين إطلاق مصطلح (الرقص الديني ) لأن الحركات التعبدية ليست رقصاً، بل حركات تعبيرية وإيماءات بالجسد تهدف إلى الكشف عن مكنونات الروح والتعبير عن نذر النفس والتضحية في سبيل الإله ، يقول ابن سينا في هذا المجال لقد هبطت النفس إلى هذا العالم وسكنت الجسد فلابد أن تحن وتضطرب وتخلع عنها سلطان البدن وتنسلخ عن الدنيا لتصعد إلى العالم الأعلى وتعرج إلى المحل الأرفع. حيث يعتبر البدن شـر، لأنه (مـادي كثيـف) وتحررالإنسان من شهوات البدن ليس عنده إلا سعياً للنفس إلى الفكاك من إسارها بعد أن غشيها البدن بكثافته. يقول(ييتس 1865) (والآن لعلني أذوي وأصبح الحقيقة) حيث يعتبر المتصوفة فناء الجسد، حقيقة الحقائق، وما يمارس على الجسد من مجاهدات ورياضات تفضي إلى رقة القلب ورهافة الحواس، كما يفعل المتصوفة وجداً لسماع، أو أية عذوبة ذو جمال، أو يهتز وجداً عند سماعه آية من القرآن وقد يسقط مغشياً عليه.على جانب آخر يعرف علماء النفس الرقص بوصفه علاجًا للقلق بأنه “العلاج بالحركات الراقصة”، وقد عرفته الرابطة الأمريكية للعلاج بالرقص بأنه “التوظيف النفسي-العلاجي للحركة من أجل تعزيز الصحة العاطفية ، والمعرفية والجسمانية والاجتماعية للفرد .

العلاج بالرقص…

لقد استحدث العلاج بالرقص في مصر نتيجة لزيادة نسبة الاكتئاب وارتفاع عدد المنتحرين ، وقد اتجه عدد لا بأس به من المصريين لتلك النوعية من العلاج حيث تقول نور مهنا في أحد اللقاءات الإعلامية : “أن الرقص ساعدها على التصالح مع النفس والشعور بالسعادة ” ، حيث تقص تجربتها مع جلسات العلاج بالرقص والحركة، موضحة أنها كانت تمر بضغوط نفسية قبل عامين وشعرت وقتها بالحاجة للمساعدة الطبية لتخطي مشاعرها السلبية

تستكمل نور حديثها بأنها بعد الجلسة الأولى للعلاج شعرت بأنها أصبحت أكثر خفة وتحرر من الضغوط والمشاعر السلبية، وترى أن العلاج بالرقص تجربة مفيدة لكل فتاة أو سيدة”.لقد كان سكان أفريقيا وما زال البعض منهم يقوم برقصات لجلب المطر أو لطلب المساعدة في الحفاظ على المنطقة أو القبيلة أو اتقاء شر يحدق بهم ، وكان الرقص عند المصريين بصفة خاصة له تأثير كبير لارتباطه بالتاريخ الفرعوني القديم الذي كان له طابع دينى.