سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

خاطرة عن أفراح القبة

الكذب الأبيض وإخفاء الحقيقة، أو الكذب بنية تحقيق ماهو جيد أو نية صادقة لفعل أي شيء ويكون الكذب هو الوسيلة الوحيدة لنصل لغايتنا.

الكثير من المسميات التي نطلقها على ما نفعل، ولكن مهما اختلفت التسمية أو اختلف القصد أو التنفيذ يظل ما نفعله كذب فحسب. بلا ألوان ولا أهداف أو غايات. مجرد كاذبون نحفر بأيدينا لأنفسنا حفرة في نهاية الطريق غير عالمين أنها ستكون هي ما ينتظرنا عند خط النهاية.

نهاية الحياة أو نهاية علاقة، نهاية عمل أية نهاية. المهم أن الحفرة التي قمنا بحفرها تنظرنا هناك ولن تذهب لأي مكان.

لا أدعي الفضيلة هنا فأنا كالجميع كذبت وربما سأكذب مرات عديدة في المستقبل، ولكنني لست بارعة في الأمر. ربما على المدى القصير، ولكن إذا طال الأمر مني أجدني غارقة للعنق في كارثة لم أتخيلها لأتفادى اللاشيء.

شاهدت من فترة عرض أفراح القبة لنجيب محفوظ، لن أقوم بتحليل القصة ولا نقدها فنياً ولا أي من هذا. سأذكر فقط أكثر ما لفت إنتباهي ويتعلق بما نتحدث عنه.

البعض في الرواية بدأ بإخفاء بعض الحقيقة حتى يتثنى لها أن يصرح بها في الوقت المناسب، والبعض الآخر أختار الكذب لأن حقيقته لا يمكن البوح بها مهما حدث أو مر من الوقت.

كلا الأمران لم يجلبا لأصحابهما سوى المتاعب. كذب يستجلب الكثير من الكذب، إخفاء يستدعي بعده الكذب لتصبح القصة محبوكة، حتى تحين لحظة الحقيقة ولا يصدقنا أحد.

الوحيدة في العرض التي لم تخبئ حقيقتها أو تكذب لم يختلف مصيرها عن مصائر الأخرون، ولا أكتب هذا لأخبرك أن هناك طريقة ستجنبك المتاعب وستجعل حياتك أسهل مما هي عليه بالفعل.

ربما في حالتي الخاصة لو لم أكذب في علاقتي ببعض الأشخاص، ربما كانت استمرت لو كنا صرحاء منذ اللحظة الأولى. ربما كنت سأتجنب ما تعرضت له من صدمات أثناء محاولتي منع الأخرين من التعرض لها.

ربما كنت سأتجنب الكثير من المشاكل التي كذبت لتجنبها لأجلب علي ما هو أكثر وأبشع.

ربما أكره الكذب لأنني لم أجده قط في حياتي، ربما لو كنت بارعة فيه لكنت أصبحت في مكان أخر، ربما كنت سأصبح على الطرف الأخر من الحفرة.

بالطبع لكل منا وجهة نظر في كل شيء، وكلنا يحكم من خلالها. وتختلف وجهة النظر تلك بناء على ما اختبرناه وعايشناه وعرفناه. ولكن كل هذا لن يبرر كذبنا الأبيض، أو إخفائنا لما نعتقد أنه لا يهم في الصورة االنهائية للحقيقة.

كل هذا يجعلنا في النهاية مهما اختلف مستوانا أو مسمانا كاذبون، وهو الشيء الذي يجب أن نكف عنه من أجل أنفسنا في المقام الأول قبل أن نتوقف من أجل صالح الأخرين..