أمل محسن
أمل محسن

د

حكاية من العزل

عندما جلست لأكتُب هذا المقال لم أستطيع فهم مشاعري التي لا أدري هل هي في حالة خمول أم هي في حالة  نشاط تريد أن تسعد وتفرح وتسعي!!!

الفترة الأخيرة لم تكن سهلة بالنسبة لي  ففي الوقت الذي كنت أستعد فيه لتصوير حلقات برنامج  للسوشيال ميديا توقف كل شئ بسبب أصابه بعض الزملاء بفيروس كورونا المستجد، حزنت  كثيراً ولكني تذكرت أن لكل شي ميعاد ووقت وأن ربما لم يحين الوقت لذلك ولكني كنت أحاول بداخلي أن أخلق الأمل من جديد!!

توفق كل شئ وبدءت العزل المنزلى وذهبت للطبيب الذي قال أن حالتي الصحية بخير حتي الفحوصات لم تُظهر شئ!!! إلا أرتفاع في نسبة تحليل واحد فوصف لي الطبيب الأدوية التي تساعد علي سير الأمور بخير وسلام

ولكن !!

زاد الأمر سوءاً عندما علمت بدخول زملائي بالعمل  مستشفى العزل لم أكن أتوقع أن يأخد الموت منا شخصاً عزيزاً علينا  بهذه السرعة والسهولة وفي لحظات، فتوفي زميلي أسامه  الذي كنت أعتبره  الأخ الكبير الذي ينصح ويشجع!! وترك لنا فراغ واسئلة تدور في عقولنا نحن أصدقائُه وأخواته وأسرته هل حقا الموت يحاوطنا بهذا الشكل وهل ينتهي أمر الإنسان بهذه السهولة !!

كان خبر وفاته يمثل صدمة كبيرة  لي !! فبالأمس كنا نجلس ونضحك ونتناقش وننفعل إيضاً بسبب ضغوطات العمل واليوم لا أستطيع أن أرفع سماعة الهاتف وأتابع حالته الصحية أو أتحدث معه عن العمل !

أدركت أن كل التحذيرات التي كنا نسمعها ونقولها لأنفسنا لم تكن شفيعة لنا لكي لا يُهاجمنا هذا الفيروس اللعين !! الذي يأخذ من حولنا كل عزيز!!

تعاملي بالحذر مع الفيروس أثناء العزل المنزلى جعلني أنظر لكل شئ بطريقة مختلفة وجديدة !!

وكان يراودني هذا السؤال دائماً طول هذه الفترة !

هل حقاً الحياة تستحق منا كل هذا الجهد والعناء والسعي؟ مادامت النهاية هي الموت ؟!

في فترة العزل حاولت أن أرفع من حالتي المعنوية وبدأت في تصميم ديكور بسيط بغرفة عزلى وسجلت بعض من الحلقات  ولكن لم تتركني الكحة هانئة !! زادت ولم أستطيع أن أستكمل شئ وأصبت بصعوبة في التنفس ليلأ  فتوجهت في الصباح  إلى مستشفي العزل وقومت بأجراء الفحوصات التي أظهرت التهاب بالرئة وكانت النصيحة الطبية بأستكمال العزل المنزلي  لفترة ثانية تتجازو العشر أيام ووصف برتوكول كورونا كاملاً لمحاولة لوقف الألتهاب وأستعادة صحتي !!

لم يمنعني التعب والألم الذي أشعر به من أن أتوقف عن الكتابة وعن التفكير في كيفية العودة مره أخري إلي العمل وإلي الأنشطة التي أقوم بها !!

فالتفكير في السعي والأجتهاد هو ما يجعلني أشعر بأني مازالت أعيش في هذه الحياة وأتنفس !!!

فالحياة مرتبطة بالسعى حتي إذا أدركنا الموت فسوف نحصد نتيجة هذا السعي فالدنيا هي دار العمل وإيضاً دار الفناء لنعبر منها إلي دار البقاء

وهنا تكون الأجابة علي سؤالي السابق إننا مأمورين بالسعي فمن منا يزرع زرعة عليه أن يتم زرعها حتي إذا أدركه الموت كما أمرنا رسولنا الحبيب المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام في الحديث الشريف

فقال : إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل) رواه أحمد.

هكذا علمنا الرسول الكريم، فأنا أسعي وأحاول وأجتهد مادام هناك نفس يخرج ويدخل أجسادنا!!

أن الحياة الدنيا  هي مرحلة لكي نصل إلي الدار الأخرة فلابد أن نحسنها ونصلحها  بالأجتهاد والعمل الصالح حتي نحصد زرعتنا في الدار الأخرة، فخلقنا في الحياة لكي نترك الأثر الطيب وأن نترك الخير لغيرنا حتي تكتمل الحياة ونلتقي عند رب العباد، فمقابلة الله أمر لا يدري ويعي جماله الغافلون فالله كريم يكرم أحبابه عندما يأتي موعد اللقاء

الفراق صعب ولكن هذه هي الحياة !!

أذكركم وأذكر نفسي بالسعي لأخر نفس لدينا فما نقوم به باقي وسيظل يتوارثه الكثيرون من بعدنا فأكرمنا الله وأكرمكم الخير والخيرات

أسالكم الدعاء بالشفاء لي ولكل المرضي الكورونا

أراكم في مقال جديد