هدير طارق البدوي
هدير طارق البدوي

د

ترهات

يمكنني الشعور بها مجددًا، دائمًا ما أمكنني الشعور بها، الخيبة، تتوالى الخيبات فيخبروننا أنه لا مفر من ذلك، أن ما يهم هو المقاومة والوقوف مجددًا بعد الهزيمة، ماذا لو أنني لا أريد أن أقاوم بعد الآن؟

هل حقًا من العدل أن تكون كل هذه الخيبات من نصيب فردٍ واحد، هل خلقنا حقًا لتحملها جميعًا بقلب معطوب وروح لم تلتئم بعد؟

عادةً ما أخبر نفسي أن الخيبة هي خطأي، فأنا من رفعت سقف طموحاتي عاليًا واستمريت في الإيمان، أملت واعتقدت صدقًا أن أملي سيتحقق هذه المرة، وكأن جميع التجارب السابقة لم تحدث، وكأنني لم أتعلم شيئًا، لكنني صدقًا لم أفعل شيئًا خاطئًا هذه المرة، اتبعت الوصفة كما تعلمتها، لم أشعر إذن وكأن قلبي يكاد يتمزق من صدري الآن وأنا أنتظرها، ظننت أن انتظاري لها وعلمي بقدومي سيُخفف وطأتها قليلًا، لكن هيهات.

أما عن العلاقات، فأنا أفضل الواضح والصريح منها، أحب أن أفعل ما أوده، وأقول ما أرغب به، لكن احترامًا مني لمساحة الآخرين الخاصة أُفضل أن أخبرهم بذلك أولًا، والذي عادةً ما يُقابل بالصدمة والتخوف! وكأنني لابد أن أريد شيئًا خفيًا أو أن أنوي سوءًا، لابد لي من التحايل وإخفاء الحقائق لأصل لما أريد، لكن صدقًا، أليست طريقتي أكثر منطقية؟

يخبرونني أنني أعلم ما الخطأ، لكنني لا أريد بذل الجهد من أجل تغييره، ليس للأمر علاقة بالجهد، كل ما في الأمر أنني لا أود له أن يتغير، أحبني كما أنا، نعم تؤلمني هذه الأنا، أجد صعوبة في التعامل مع الآخرين وحملهم على فهمي لكنني أحبني، لم يجب أن أكون أنا من يتغير.

يهمني الآخرين، إنهم فقط يهمونني، بغض النظر عن مكانتهم عندي أو عمق علاقتي بهم، يهمني الجميع، لا أريد أن أتخطى حدودي مع أحدهم، أو أن أضغط على أحدهم، لا أرغب في إيذائه، ولا في حشر ذاتي في حياتها، تؤثر بي كلمات الجميع، وتؤلمني مشاعرهم نيابةً عنهم، ربما أنا حقًا غريبة الأطوار.

أخشى الوحدة وأحبها، أخشى أن أُترك في منتصف الطريق، ولا أود أن أتأذى، لا أحد يود ذلك.

أخبرتني أمي اليوم صباحًا أنني محظوظة لأنني نادرًا ما أبكي، حسنًا ها أنا ذا أريده ولا سبيل عندي للوصول إليه… قال أن الحكايات تجعلنا عُراة، ربما لهذا أود أن أبكي، عار العري يحيطني… ربما.