زينب بروحو
زينب بروحو

د

بعيني محب…لا بعيني عاشق

سأعترف لكِ اليوم أمام الجميع… لأنكِ تستحقين.

– بما ستعترفُ يا مجنون؟ و لمن؟

– سأعترف لها…  أمام الملأ….سأكتب كلمات لم أقوى يوما على قولها.

– هل أنت متأكد؟ ربما أنت تهلوس من شدة تعب السّفر…. نم لتهنأ .

– لا بل سأكتب…سأكتب دموعي حروفا و أشواقي كلمات و أشعارا.

– أنت ضعيف في هذه اللحظة… تحلّ بالقوّة فقط…الاعتراف سيقتل كبريائك

– بل أنا اليوم سأعترف لأني أحس بالقوة… و الاعتزاز و الافتخار باعترافي

– تحمّل إذن عواقب ذلك…..

لم يكن حوارا بين شخصين… بل كان حوارا بداخلي… بدأ عندما وصلت المنزل اليوم بعد غياب دام عشرة أيام في رحلة عمل…. و كأني أدخله لأول مرة.

لست أدري ما انتابني اليوم… اعتدت السّفر و العودة للبيت… لكن اليوم شيء ما يلح بداخلي… اعتراف من نوع خاص.

غيّرت ملابسي و جلست لطاولة العشاء كما طلبت زوجتي “أمل”…

“مها” – لعلكم تذكرونها من مقالي السابق- منذ وصلت لم تتوقف عن القفز أمامي و بجانبي و هي تعيد علي أخبار المنزل و الاهل….

ثم أحضرت أقلامها الملونة و كل ما رسمته طيلة مدة غيابي….و طلبت مني أن أرسم شيئا….

ماذا أرسم يا ترى؟

غادرت “مها” رجلي التي اتخذتها مجلسا لها و انطلقت نحو أخيها “أمجد” -ذو ثلاث سنوات- و هي تقول له و تحاول إقناعه … “سأعطيك أن ترسم أيضا بعد انتهاء أبى”.

أفكر…. ماذا سأرسم يا ترى؟

ظهرت “أمل”…. “أمل”…. ظهرت برشاقة داخل الغرفة… لم أركّز كثيرا فيما قالته… لكنني أحسست طاقة من الأمن و الأمان و الفرح تغمرني…. كانت تتنقل بين الكراسي و تضع الأطباق….و تتكلم…. أما أنا فكنت أتأملها….

حبيبتي أمل….

أتذكر أنه في أيام خطوبتنا و بداية زواجنا … كنت أناديك بحبيبتي… كنت أتغزل بعينيك و بوجهك…. كنت عاشقا مجنونا… هكذا كنت تنادينني…

أعرف…. ربما لم تصدقي يوما كلماتي…. و الحقيقة أنني كنت في هيام حينها… و الحقيقة أنك لم تخطئي بعدم تصديقي… فكنت ذكية كفاية لتعلمي أنني كنت أعيش في عالم آخر… و أرى بعيون العاشق الولهان كل شيء جميلا فيك… 

هل تذكرين كيف كنا نعيش التفاصيل مع بعضنا البعض كل يوم؟؟ تفاصيل كانت تجعلنا اثنين في واحد…. ما عدنا نلقي لها بالا…فتباعدت المسافة بيننا.

كنت تعلمين أنني ربما غازلت كثيرات قبلك…. لم تخطئي…

نعم كنتِ دائما على حق… و مع ذلك تغافلتِ و تغابيتِ… فقط كي تسكني بداخلي….

و انتهى العشق بيننا بمرور السنوات… و انتهت فترة جنوني بكِ و الهيام… بعد زواجنا بمدة…

أكيد لاحظت أنني لم أعد أتغزل بعيونك السوداء… و وجهك المشرق الوضاء….

أكيد أنك عرفتِ أنني ربما أشتاق للجنون أحيانا …فأرمي إحداهن بكلمات من الغزل…

لكن …… اليوم…. رأيتك جيدا…و أمعنت النظر إليك….

رأيتك بطاقة الحب التي تحملينها داخلك… حب امرأة صابرة على بعد زوجها…حب امرأة تعتني بأسرتها و منزلها في غياب و حضور زوجها…

حب امرأة تعتني حتى بوالدي إن احتاجا لشيء ما في غيابي…. امرأة قدمت تضحيات من…. أجلي أنا….بل من أجلنا كما كنتِ تقولين دائما.

لو تعلمين… ألوم نفسي إن غازلت غيرك…. أو استأنست بغيرك…. و لو في الخيال…

ألوم نفسي كثيرا….لكنك تظلين متربعة على عرش قلبي…. مذ تزوجتك….

أنا الآن أنظر إليك….. أراجع عينيك…. نعم إنها حقا جميلة… بل إنها تجعلني لها أسيرا

أنا الآن أنظر إليك… بعيدا عن جنون العشق و الهيام….أراك بحقيقتك….و وجهك البسام المشرق يسحرني

أنا أراك في ابتسامة “مها” و ضحكات “أمجد”… أحس بحنانك و أنا أحضنهما إليّ بشوق كلما عدت من السفر

لماذا توقفت يا ترى عن نظم الشعر لك؟

هل تفوز الحبيبة بالغزل؟ و لا تفوز الزوجة به؟….. لذلك الآن….أناديك حبيبتي….أنت حبيبتي و زوجتي و أم أولادي و كلّي و بعضي…أنت روحي…

حبيبتي “أمل”…. أنا آسف….

آسف اني كنت أنانيا في كثير من قراراتي….آسف أنني أذنت لنفسي يوما بمسامرة غيرك…آسف أني استهنت بانتظارك لي….آسف

حبيبتي “أمل”…

هل تعلمين؟ مهما فكرت يوما بالنظر لغيرك…. لم أكن لأضعها يوما على عرشك و في مكانك…. يستحيل ذلك…

أنا أعترف… بأنانية رجل…لا أقول رجل شرقي….بل أقول رجل فقط… يرى الضعف بعشق زوجته… لست أدري لم….لكن أنا أحسست هذه الانانية بي… رجل يريد أن يعشق فتعشقه النساء… كي يحس ربما بكبريائه و حريته.

لكننى ها أنا ذا أتعقَّل….بك و لك…..

أراهن حولي…. فلا تنازع إحداهن وجودك بداخلي….

تشبهين الملكة على رقعة شطرنج… تحمي الملك و المملكة…

بل أنت ملكتي و مليكتي و مملكتي…

و اعلمي أني  اليوم إن قلت حبيبتي….فلست بمجنون…و لست بهائم… أنا أعنيها بكل قواي العقلية

أنا اليوم إن أخبرتك بجمال عينيك… و نور وجهك….فأنا صادق أراك بعين محب لا بعين عاشق…. و شتان بين العشق و الحب….فالحب و الودُّ أسمى و أدوم و أطهر…

أنا الآن… أملأني بك….كي ترافقيني في كل سكناتي و حركاتي….

حبيبتي “أمل” …. و زوجتي الغالية….

أقولها للعالم… و أكتبها ليقرأها الجميع….

أنت الواحدة و الوحيدة…. ملكة تربعت على عرش قلبي…أحبك…أحبك…أحبك