سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

العرض الأعظم

أذكر وأنا صغيرة أنني قد شاهدت أو قرأت قصة_لا أعلم على وجه التحديد_ عن عرض مسرحي ألفه محتالان، وظلا يروجان للعرض طيلة الوقت على أنه العرض الأفضل على الأطلاق. وكان هذا قبل أختراع التلفاز أو انتشار الجرائد فلم يسمع أحد من قبل بهذا العرض حتى حضرت الفرقة للمدينة. كانت الفرقة تطلب أجر مبالغ فيه، وبالطبع وجدوا بعض المشاهدين من الفئات التي تستطيع أن تدفع، وترى أنها تستحق مشاهدة عرض مذهل كهذا.

لتبدأ أولى ليالي العرض ويخرج المشاهدون غير مصدقين ما حدث بالداخل! هراء صرف لا يمت للعروض المسرحية بأية صلة، شيء غير مفهوم ولا يستحق لا الوقت ولا المال. القصة بالنسبة لي تبدأ هنا، عند النقطة التي أتفق فيها الجميع على عدم البوح بما كان من شأن العرض.

خرج الجميع مهللين فرحين بما شاهدوه، لينتشر الخبر بين باقية الناس بأن العرض بالفعل كما أعلن عنه الأعظم! فراحت الجموع تتوافد على العرض للاستمتاع، ليدركوا بعد انتهاء العرض الحيلة التي وقعوا بها، ليعودوا لاستكمال الكذبة التي اشترك بها الجميع. العرض مذهل العرض أكثر من رائع.

يجب أن يدفع الجميع ما دفعناه بالداخل من وقتٍ ومال.

بالطبع لم يكذب الجميع لنفس السبب؛ فهناك من شاركهم الكذبة حتى لا يظهر بصورة الغبي الوحيد بالمدينة الذي لم يفهم روعة الغرض.

أتذكر القصة الآن كلما قرأت نقد لفيلم أو عمل فني، أو مجاملة بين مجموعة من الأصدقاء تعليقاً على أي شيء. أتذكرها بعد مجموعة من التجارب السيئة التي أقدمت عليها بعدما سمعت الكثير عن عظمة القصة والأداء، والجودة الكلية التي نادراً ما يجود علينا بها الزمن. لأدرك في النهاية أن القصة تتكرر بشكل أو بأخر، وبأن كل ما سمعته لم يكن سوى مجاملة أو إظهار للحب بين مجموعة من المعارف أو حتى محبة خالصة لنوع من الأعمال لا أقدره أنا شخصياً.

بعد مرور الوقت والتجارب وبعد الكثير من التعامل مع الفئة التي ترفض أن تنعت بالغباء أو اللا مبالة أو عدم فهم المغزى والإشارة والرمز في الحياة عموماً، أدركت أخيراً أنه علي وحدي أن أقرر لنفسي ما هو مناسب وما هو سيء لي في كل المواقف والتعاملات بدون الاعتماد على أراء الآخرين لأنها ببساطة تمثلهم فحسب. ألا أسير ورائهم معصوبة العينين وأكون المسئولة وحدي عن إضاعة وقتي ومالي والأهم مما لا يمكن تعويضه.