سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

الشيطان يعظ

“هو جرى أيه للدينا! الناس كلها بقت فتوات! أمال مين اللي هينضرب؟؟”

جملة يختتم بها (طباع الديك) _أحد الشخصيات الرئيسية_ فيلم الشيطان يعظ عندما يظهر له فتى جديد ليعيد على مسامعه ما قاله له من شهور فتى آخر.

الفيلم مأخوذ عن رائعة الأديب العالمي نجيب محفوظ التي تحمل نفس العنوان.

الفتى الأول (شطا الحجري) يحاول أن ينضم لرجال (الديناري فتوة المنطقة وكبيرها) ليغير مصيره الذي لا يناسبه كما يرى، ويفعل ما قد يجعله يشعر بالرضا عن نفسه ويمثله كرجل بدلاً من كي الملابس. كما يفكر (حنفي الأبيض) الفتى من مشهد النهاية.

الجملة الختامية هنا تمثل الكثير جداً وتلخص الكثير مما قدم في الرواية وما نقابلة في الحياة.

في الغالب لا نرضى بما نملكه ولا نكتفي بما في أيدينا، وفي الكثير من الحالات تكون هذه الصفة حميدة وتدفعنا لتحسين أنفسنا ووضعنا في الحياة.

في حالة (شطا) يجرب حظه مع رجال (الديناري) وتجبره الظروف للعودة مرة آخرى للعمل بكي الملابس، لكنه لا يمانع بعدما لم يعجبه ما اختبره على الجانب الآخر. للأسف لا تنتهي قصتنا هنا، فلا يذهب البطل ليرى العشب على الجانب الآخر ليعود ويستمتع بما كان يملكه قبل الرحيل.

هناك مفارقة في الأمر فهو خسر ما حصل عليه بعدما دخل عالم “الديناري”، ولولا هذا لما حصل على أي شيء من الأساس.

فهل يمكننا القول أنه لو ظل على حاله ولم يخطو بقدمه في هذا العالم سيحيا في راحة بال، وبدون العناء والشقاء المصاحبين لما ناله من حظ وسعادة مؤقت؟

هل يمكننا القول أن التضحية التي قدمت في النهاية تتناسب مع ما ناله من متع وما عرفه ولم يعرفه غيره؟

أم يجب أن نكون في الجانب الآمن حيث الحياة الهادئة التي لا يصاحبها سوى المشاكل الروتينية التي تواجه العامة خوالي البال أمثالهم؟

لا يمكننا بالتأكيد الحكم بناء على أية أمثلة فلكل منا ظروفه الخاصة، ولكل منا بيئته ومحيطة المختلف عن الآخر. كما نختلف نحن أنفسنا تماماً فلا يصح أن نفعل أي شيء أو أن نأخذ قرارات مصيرية بناء على مواقف مشابهة أو مقارنة،ولا يمكننا أن نقرر من سنكونه بناء على أفكار مغلوطة أو صور مشوهة. لكن الجملة تعني الكثير بالرغم من كل ما سبق.

في النهاية لا يمكن أن نصبح نسخ مما يعجبنا ولا يمكن أن نغضب على ما نحن عليه لأننا رأينا فقط ما يخالفه؛ فكيف نصبح فتوات إذا لم نجد من نضربه؟!