فهد الجريسي
فهد الجريسي

د

الشغف بين متعة التجربة ولذة الوصول


مرحلة التشتت

سألني صديق، سؤال حيرة (فهد أحس إني مشتت بدون شغف!) متمني مرجع نفسي ينقذه من هذا الضياع

العشرينيات في حياة كل إنسان فترة المخاوف وإثبات النفس بأحقية أخذ الفرص الممتازة, من منا لم يؤمن بأفكار ونقيضها في آن واحد بتلك المرحلة

وهذا طبيعي في تلك المرحلة التي تتكون بها وتوجهات كل فرد بعد المراحل الدراسية ومرحلة المراهقة

ولأنني أحد أفراد تلك المرحلة وشهدت على تقلباتها النفسية بسبب ضغوطات تلك المرحلة على النفس ، حالة ذهنية لا تركد، ركض مستمر خلف الأهداف والأحلام بلا توقف، تكاد تجد أشهر تلتقط بها أنفاسك لتعود لمعركة الركض من جديد وهذا ما حصل معي في فترة التوقف عن العمل في فترة جائحة كورونا

كانت فرصة لاكتشاف نفسي من جديد، سأكتب هذه التجربة لعلها تفيد من يقرأها ليجد ضالته في اكتشاف شغفه

فبين مبدأ (اعمل ما تحب لتحب ما تعمل) و (خدعة الشغف)، أصبحت أسير للتفكير والحيرة والشعور بالضياع بعد التخرج من الجامعة

وأنا في حيرة من أمري وأتساءل هل الشغف يكتسب بعد العمل والتجارب أم بالفطرة لدى الإنسان؟

اكتشفت شغفي أخيراً الذي ساعدني على الانقضاض على تلك المرحلة الحساسة في حياة كل إنسان،

الشغف جعلني بثبات وهدوء رجل حكيم جعلني اختار الفرص بهدوء ومعرفة، الشغف يحول الإنسان من حال إلى حال

الشغف يشعرك بأنك في أمان مهما انتصرت عليك ضغوطات الحياة

وأنك ستعود لمرجعك النفسي لتفرغ طاقتك وتعود من جديد للركض نحو أهدافك

أطلق العملاق الذي بداخلك!

كانت تجربتي في اكتشاف الشغف رحلة طويلة بالتخبطات والمحاولات والتجارب فبعد فترة قليلة من تخرجي وقعت في فخ رواد التنمية البشرية الذين احذر الناس من متابعتهم بسبب أسلوبهم في شحن طاقتي ومشاعري واستغلال قمة حماسي الذي ذهب بلا فائدة وخسرت الجهد والوقت والمال بدورات لا معنى لها

ظناً مني أن الشغف يكتشف بدورات رواد التنمية البشرية!

وهذه الخسارة قادتني لجعل مبدأ (اعمل ما تحب لتحب ما تعمل) هو هدفي المهني في الحياة, متابعتهم والحضور لدوراتهم وضح لي أنهم يسرقون حماس الحضور والمشتركين بحجة الشغف وكل هذا السرقة بعنوان (أطلق العملاق الذي بداخلك) أصبحت أفكر بأكثر منطقية وواقعية فضياع الفرص باسم الشغف لا أصل له جعلت أيامي بتفكير مختلف وأن مفهوم الشغف يأتي لك بعد التجارب والعمل وممارسة وأنماط مختلفة في الحياة

بعد الضياع والحيرة حاولت أن اضع حد للتفكير الذي يأخذ وقت وجهد ذهني لا يعود لي بفائدة

إلى أن وصلت لفرصة تطبّق شغفي في العلوم الاجتماعية على أرض الواقع حين عملت في مجال العمل الاجتماعي

يا لها من لحظات رائعة حين تعمل بشغف!

اكتشاف الذات من جديد

وفي مرحلة سابقة (جائحة كورونا) وصلت لمخاوف زيادة الوزن ومع انتشار اشاعات الأمراض فكرت بممارسة الرياضة بانتظام إلى أن وصلت لمرحلة متقدمة في الجري يومياً 5  كيلو ، وصلت للشغف بالجري وبدأ ينقذني من كل اللحظات الصعبة

بجانب حبي للمعرفة والقراءة في العلوم الاجتماعية التي هي تخصصي بالجامعة أصبح الجري شغفي الثاني ونافذتي للتنفيس في أوقاتي الصعبة

متأكد أن تجربة البحث عن الشغف يمر بها الكثير منكم وسط الحيرة والضياع بالتفكير بما يبحث عنه

وأنصحكم بعدم ضياع الكثير من الوقت لأن العمل والتجارب الكثيرة في الحياة هي من تصنع شغفك الخاص

بمعنى أنك تعيش وتنتقل من تجربة لأخرى ومن اهتمام لآخر وستكتشف شغفك الذي تبحث عنه.

رسالتي الأخيرة لكم: “اقتنعت أنك لا تصنع حياتك أولا ثم تعيشها أنت تصنعها عبر عيشها”.