سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

آلة الزمن خاصتنا

من بين آلاف المواقف والمشاعر التي تعتمل في أنفسنا، والأفكار التي تتصارع بداخلنا، تأتي الصور لتلتقط صورة واحدة للحظة واحدة لتمحي فيما بعد كل ما حدث لحظتها وتخلد فقط ما التقطتها الصورة.

بالطبع عندما نرى صورنا نتذكر جيداً ما حدث وقتها، وأين كنا، وماذا كنا نفعل وقتها، وكيف شعرنا وقتها، ولكن اللحظة ذاتها تكون تحت المجهر، فتتراجع كل المشاعر والأفكار الآخرى لتسيطر تلك اللحظة بقوة على كل شيء.

وحدنا نعرف كيف شعرنا وقتها، ووحدنا نعرف ما كان يدور بأذهاننا، بينما لا يرى الباقون من حولنا سوى ما تظهره لنا الصورة_ تلك اللحظة المجمدة للأبد_ وما ظهرعلى وجوهنا ساعتها، ربما قد يختلف الجميع على قرأتهم لما يروه، وفقاً لمعرفتهم بنا، أو درجة القرابة، أو تخيلاتهم الخاصة.

شخصياً أكره لحظات مطالعتي للصور. بعد مرور الوقت واختفاء من بالصور إلى جانبنا، أكتشف أنني لم أحب الشخص بجواري بنفس القدر بعد الآن، أو أنه لم يكن يحبني على الإطلاق، أو ضحكات المجاملة التي كنا نفتعلها حتى لا نفسد اليوم أو المناسبة، أكتشف أن الوقت الذي مضيناه معاً بعد الصورة لم يكن كافي ولم يكن يحتمل الكثير مما فعلته أو حدث وقتها، ولكن أحدنا لم يعلم، فتعود الصور السعيدة بذكريات حزينة للغاية عما كان يمكنني تحقيقه والإستفادة منه وقتها، لو فقط كنت أعلم بما سيحدث لاحقاً.

أطالع صور لمن رحلوا للأبد، وأكتشف كم كانت رائعة تلك اللحظة، ولكن حتى مقدار الروعة الذي أشعر به الآن لم يصلني وقتها ولم أقدره حق قدره.

أحب مطالعة تلك الصور، وأكره بعض ما يعتمل في نفسي وقت مطالعتها. ومع الوقت أذكر نفسي بأن ماحدث وما عايشناه لا يمكننا التراجع عنه، أو نكرانه، فهو ما أوصلني لما أنا عليه اليوم. هو ما جعل الذكرى قيمة وعزيزة علي بكل لحظاتها التي خلدت والتي لم تقتنصها الكاميرا. كان علي المرور بكل ما ممرت به لأفهم.

ربما لو تغير موقفي وقتها، لكانت الصورة تغيرت هي الآخرى أو اختفت تماماً، ولا أعرف كيف سيكون حالي وقتها أو الآن.أعرف أن الصور تمثل لي ألة زمن سعيدة وتعيسة على حسب الصورة والشخص. وأعرف أنني لن أتخلى عن تلك الألة مهما حدث، أو أكف عن استخدامها.