
انتشر من عدة أيام خبر هجوم كلب على مواطن مما أدى لتضرر المواطن بشدة، وبعد ذهابه للمستشفى حدث ضرر آخر أدى لدخوله في غيبوبة تامة.
خبر مأسوي حزين بكل تأكيد، لكنه متكرر وليس الأول من نوعه، فما أكثر الحوادث التي يتعرض لها العشرات يومياَ.
ما استرعى انتباهي بدوره لم يكن شيء جديد، أو غير معتاد. ما استرعى انتباهي كان اهتمام الناس بنوع الكلب، وما يمكن أن يسببه من أضرار وإصابات، والبحث عن طريقة للقصاص من الكلب شخصياً لأنه المسئول الأول والأخير عما حدث!!
الكلب هو من هاجم الشخص، الكلب هو من سبب الإصابات، الكلب هو من تصرف بناء على قراره ولم يحثه أحد على الهجوم!
وعليه ظهرت فئة_ليست الأولى من نوعها بدورها_ تطالب بمحاسبة الكلب، والكلب فقط على ما حدث لأنه تصرف بدون الرجوع لأحد.
ذكرني كل هذا بفقرة من رواية الهؤلاء ل”مجيد طوبيا” حيث هجم كلب على بطل القصة في أحد الأقسام أثناء عرضه على الكلاب المدربة، ليظن الشخص أن الكلب تعرف عليه كأحد المتهمين. بعد لحظات يشرح له المسؤل عن الكلب أن الكلاب هنا مختلفة تمام الاختلاف عن أية كلاب قد سمع عنها في حياته من قبل.
الكلاب هنا تقوم بالهجوم على الأبرياء فقط مما يسهل عمل من بالقسم، وسبب الاختلاف أن المعروضين هنا غير كل المعروضين في أي قسم آخر، فلا يمكن أن تنتظر نفس النتيجة، أو تفهم ما نقوم بعمله هنا. نحن فقط مختلفون وهذا كل ما يجب عليك فهمه.
في تلك الفقرة كان مصير البطل متعلق بالكلب، سواء بالتعرف عليه أو بعدم التعرف عليه على حسب تدريب الكلب، المهم أن مستقبله وحاضره أصبح متعلق بكلب، كما هو الحال مع صاحبنا المصاب ومن شابهه.
بالتأكيد لن ننتظر من الأشخاص رأيهم لنحكم فيما حدث، ولن تقف الحياة لو كان رأي الأغلبية هنا أن الشخص لن يجد من يرجع عليه بالمسائلة القانونية لعدم أهلية الكلب، أو أن صاحب الكلب ضحية بدوره لأنه لم يصدر أمر الهجوم فلما اللوم والتقريع؟ ناهيك عن المسائلة القانونية!
في الرواية كان مصير البطل معلق بمجموعة مختلفة من الكلاب دربها أشخاص على أفعال معينة، هي التي ستحدد مصير من يتعامل معها.
وفي الحقيقة مصير المصاب وغيره معلق بكلب، جلبه شخص أو مجموعة وقرروا أنه لا داعي لتدريبه أو تأمينه أو أي شيء يمنع حدوث ما حدث. الكلب هو من هجم وقرر في كل الحالات، لكن الكلب ما هو إلا أداه في يد البعض، أو حيوان لا يفقه شيء في يد الآخر، وفي كل الحالات المسئول الأول والأخير هو نحن، ولا نفعل شيء للأسف سوى تكرار أخطاء من سبقونا وتكرار التبرير لكلب الست كما سبق وحدث مع كوكب الشرق أم كلثوم وكلبها.