هدير طارق البدوي
هدير طارق البدوي

د

نصوص متفرقة

في الاسكندرية

حين نسافر عادةً ما تأخذنا الدهشة، يرتفع الدوبامين فنسعد وكذلك الأدرينالين فلا نخاف ولا نحتاج الراحة… في حالتي كان الأمر مُختلفًا، شعرت بالرهبة، شعرت بالحنين لحضن أمي، شعرت بالاحتياج لأمان غرفتي، وربما القليل من الارتياح.

سُرعان ما تسلل الارتياح أكثر لأعماق قلبي، سُرعان ما امتلأت روحي به، ثم بدأت أشعر بالسعادة… كانت تأتيني لحظات السعادة على استحياء وكأنني لا أستحقها، أفرح قليلًا ثم تحيطني نوبة اكتئاب، تهدأ روحي ثم أغوص في الحزن، وهكذا.

لم يخيب ظني كثيرًا، هواء البحر كان علاجًا فعالًا، وإن أحاطتني نوبات الاكتئاب وغرقت في حزني مراتٍ أكثر مما تمنيت.

سؤال صديقي

كنت في خضم التعرف إلى أحد الأصدقاء الجُدد قريبًا، سألني فجأة بلا مقدمات إن كنت أعد نفسي عميقة؟ بعد الدهشة ولحظات الصمت المريب أخبرته أن نعم، أظنني كذلك، ربما لأنني كاتبة، فعادةً ما يكون الكُتاب على درجة من العمق… لكن، أيجب أن يكونوا؟

أظن أنه نعم، أظن أنه لتلمع اسمائنا في سماء الكتابة على كتابتنا أن تشمل شيئًا من الحزن، ولكي يتسلل إليك هذا الحزن، أو أيًا كانت المشاعر التي أريدها أن تتسلل إليك على أن أشعر بها، وعلى أن أغوص إلى أعماقك لأعلم كيف أصيبك بهذا الشعور، على أن أكون عميقةً.

أو ربما هو عُمقي الخاص الذي يجعلني أشعر بهذا، ربما أن العميقة وليس الكُتاب جميعًا، وربما أنا على درجة من السطحية التي أظن بها أن مثل هذه الأفكار هي بالفعل أفكار عميقة!

سؤال صديقتي

أحب الاسئلة العشوائية، أحب أن يلتفت نظري لمشهد عابر فيستفزني لأتسائل سؤالًا عشوائيًا، اسأله لصديقتي في خضم حديثنا فتتوقف وتبتسم، إنها تعلم كيف أكون، تعرف أنني قد كنت في أكثر لحظات تركيزي في حديثها، تعلم أنني لا أقصد المقاطعة ولا سوء الفعل، فقط لن أتمكن من معاودة التركيز حتى أصل لاجابة سؤالي… أحب في اصدقائي إنهم توقفوا عن الاندهاش، أصبحوا يبتسمون فقط لأسئلتي ويعطونني إجابتي الوافية ثم نستكمل حديثنا وكأن شيئًا لم يكن.

أيام العزلة

أيام العزلة هو كتاب يشمل مجموعة من النصوص لخمسة عشر كاتبًا من بينهم صديقتي “غادة مُراد”… لم أكن أعلم عنها إنها تكتب، لم أكن أعلم إنها تقرأ! هذه الكلمات لا تحكي في عدم معرفتي بصديقتي، رغم إنها أحد أهم المواضيع التي يجب أن أحكي عنها، هنا أحكي عنهم، هؤلاء الخمسة عشر كاتبًا والذي لم يعلم بعض ذويهم أو أصدقائهم حبهم للكتابة ومقدرتهم عليها.

بسبب هذا الكتاب اكتشفت إنه ربما يحيطني عدد لا بأس به من الموهوبين الذين لا أعلم عنهم، ربما أعرف أحدهم والذي إن حاول الكتابة سيُنتج دررًا، أو على الأقل سيُنتج ما قد يسعدني قرائته… لم إذن لا نعلم عنهم؟ أظن لأنهم أنفسهم لا يعلمون عن هذه الموهبة.

هل فكرت قبلًا أنه يمكنك الكتابة؟ إن كانت اجابتك هي لا، فلتحاول، حاول أن تُخرج أفكارك على ورق، تذوق طعم قرائتها ورؤيتها، حاول أن تترك نفسك تحت رحمة القلم، غُص به وبكلماته وألوانه ورائحته، افرح بما تكتب واحزن حين تتوقف، اكتب، وتحرر.