عزة عبد القادر
عزة عبد القادر

د

كوميديا..هتلر..

فكرت كثيراً أن أكتب في الكوميديا خاصة أن فن الكوميديا هو الأصعب من نوعه وخصوصاً إذا ما عرفنا أن إضحاك الناس غاية صعبة والابتسامة غالية . ولكن النكتة تحتاج إلى فكر عالي والحوار الساخر يستدعي خيال واسع ،والهدف الأسمى في السخرية يظهر في تعبيرها عن الواقع سواء كان هذا واقعاً سياسياً أو اقتصادياً ، ولا يزال الكاتب الساخر هو الأعظم ليس لكونه نابغة في اللغة وقواعد الصرف،  ولكن لكونه قادراً على تجسيد شخصيات جديدة وهزلية واستدعاء مواقف عادية وتحويرها لخدمة المشهد التمثيلي.

 العصر الاغريقي..

لقد كانت البداية الحقيقية للكوميديا في العهد الإغريقي في أعياد الإله ديونيسوس الذي يعتبر إله الخصب و الخمر… فكانت تقام لهذا الإله عيدان، وقت زرع البذور ووقت حصاد العنب… إنها طقوس دينية لتمجيد هذا الإله و تقديم القربان… ففي عيد الحصاد تقدم الإحتفالات الحزينة… لأن الإله سوف يموت مع الثمر… و في أعياد الزرع فإن الأحتفالات تكون سعيدة لأن الإله سوف يحيا من جديد مع الزرع ، لأنه إله الخصب… في هذه الأعياد السعيدة يبدأ الناس في الغناء و السخرية و تبادل النكات البذيئة.

ويعد جورج برنارد شو الكاتب الإنجليزي  هو أشهر مؤلفي الكوميديا في القرن العشرين وقد لمع نجمه بصفة خاصة في مسرحياته الكوميدية الفكرية ، بدءًا بالخمسينيات من القرن العشرين الميلادي انطلق الإبداع فيما سمِّي بمسرحيات الكوميديا السوداء، وكتب في هذا النوع الأمريكي إدوارد ألبي، والفرنسي أوجين يونسكو، والإنجليزي هارولد بنتر، وقد مزجت هذه الأعمال المسرحية المواقف الغريبة أو الخطرة بالأساليب الكوميدية.

كوميديا المأساة..

إن الحبكة الدرامية للقصص الكوميدية تختلف تمام الاختلاف عن القصص التراجيدية ،لأنه من الصعب استخراج الضحك من رحم المعاناة  ،ولكن من السهل أن يتولد البكاء من المآسي، فكيف يمكن لكاتب أن يصنع من المأساة (ملهاة) تضحك الناس على أنفسهم ، ويحول المصائب الحياتية إلى رموز كاريكاتيرية.

إذا كنت هاوياً لأداء المشاهد الساخرة وتقليد الشخصيات فإن ذلك علامة على أن بداخلك بداية لكاتب ساخر أو ممثل كوميدي ، ولكن احذر من العاقبة إذا لم تكن مستعداً لتلقي الضربات لأنه من الممكن أن تفشل في أول جولة إذا لم تستطع صناعة السعادة على وجوه الجماهير ،وتتحول من مشروع كاتب ساخر إلى شخص متشائم . 

إذا كنت تفضل الكتابة الكوميدية فسيكون لزاماً عليك أن تتحلى بأكبر قدر من الصبر والمداوامة المستمرة على كتابة المواقف الحياتية الغريبة ، والصاخبة بل والكارثية لاستخراج الضحك والسخرية منها لتجعل الناس يضحكون على أنفسهم بدلاً من الحزن على أحوالهم . فهل تستطيع أن تقوم بغسل نفوس الثكالى والقانطين من الأسى والهموم وإحلال البهجة؟ إذا أجبت بنعم فسيكون لك موعد مع الشهرة والأحلام.  

كيف يمكن أن تخلق الكوميديا من الحرب ؟

 يمكنك تحوير المشاهد السياسية التي يعبر عنها الساسة والمحللون إلى مجموعة من الحوارات المضحكة حتى في أحلك الأوقات وأقساها، يمكنك أن ترسم أدوار الزعماء والدبلوماسيين لتخرج منها بحدث له مذاق خاص ، وما الزعيم هتلر منا ببعيد ، فرغم الآلام التي كان يعانيها الشعوب في عصره وكثرة حوادث القتل والتعذيب إلا أنه يتبقى لصانع الفرح أن يعبر عن تلك الشخصيات القاسية بصورة مضحكة ليخفف عن الناس كوارث وخطب الزمان.