سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

قبل أن ينضب العطاء

مع مرور الوقت، وتتابع المواقف أكتشفت أننا جميعاً أغبياء بنفس القدر. جميعنا نظل نكرر نفس الخطوات ونفس الأداء، ونفس التعامل ونأمل في كل مرة أن نحصل على نتائج مختلفة، أو سنستيقظ لنجد أنفسنا نتعامل مع أشخاص آخرين غير الذين كنا نتعامل معهم طيلة حيواتنا.

نملئ رؤسنا بهراء مثل العلاج بالحب، وأن تكون خير من يبدأ بالسلام، وأن تكون الشخص الأفضل . . إلخ.  حتى نكتشف بالطريقة الصعبة التي أبداً لم نكن نود أن نكتشف من خلالها، بأن لا شيء ولا شخص يتغير إلا إذا أراد هو أن يتغير من نفسه، وهو ما لم يحدث طيلة العلاقة، وبالتبعية لن يحدث حتى النهاية.

قد يفهم الطرف الآخر أنك في هذه الحالة تريد أن تكون الطرف الأقوى، أو الطرف الذي سيظل يأخذ كل ما هو أفضل في العلاقة_كما يفعل هو_ ولكن هذا التصور أبعد ما يكون عن الحقيقة. وفي الأغلب نكون نحن السبب في حدوث كل التعقيدات منذ البداية، فمنذ اللحظة التي قررنا فيها التغاضي عن كل شيء، وقت قررنا أن القليل من الضغط لن يخرق المراكب السائرة.

نحن من يرسي قواعد العلاقة ونحن من نخبر الآخر أن تلك الطريقة متاحة أو لا، بالطبع لا يمكننا التغافل عن دور الطرف الآخر في المقابل، ولكن ما قدمناه نحن بالفعل، كيف يمكننا في هذه الحالة أن نلوم عليه أنه استخدم ضدنا ما قدمناه نحن عن طيب خاطر؟!

الحياة ليست بالبساطة التي تجعلنا نقدم كل ما لدينا، وننتظر من الآخر نفس الشيء بالمقابل. لكل منا مقدرته وطاقته، وطباعه وشخصيته المختلفة التي يتصرف تبعاً لها، وعليه لا يمكنك في النهاية أن تلوم إلا نفسك على ما قدمت وعلى ما خسرت بالفعل.

المهم أن نعرف متى نتوقف عن العطاء، أن نعرف في التوقيت المناسب أن الطرف الآخر لا يستحق كل ما نقدمه، ولا يستحق أن نحرق أنفسنا من أجله، لأنه لم يشعر في أي لحظة بأي شيء سوى الإستحقاقية. وإذا كان كل ما بذلناه بالفعل لم يجعله يشعر، فلا شيء في الحياة سيجعله يشعر بأي شيء سوى ما شعر به بالفعل. مهم أن نتذكر أن كل ما قدمناه لم يطلب منا في الأساس، وعليه إذا أردنا أن نغير الموقف، وأن نجعل أنفسنا في موقف مساوي، أنه علينا العمل على صورتنا التي نقدمها، وعلى مقدار العطاء الذي نحن مستعدون لتقديمه، إذا كان بالفعل يقدم في مكانه المناسب؟ أم أن علينا التوقف الآن قبل أن نخسر أوقاتنا التي هي أهم بكثير من كل العلاقات المتوفاه مسبقاً، بالرغم من مثابرتنا لأحياء ما لا يمكن احيائه.

المهم أن نعمل على تقدير أنفسنا بالشكل الذي نستحقه، وأن نبذل كل ما نملك وأن لا نكف عن العطاء، ولكن لمن يستحق.