سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

رجل الرمال

مؤخراً استمعت للنسخة الصوتية من الروايات المصورة “رجل الرمال” لنيل جايمان.

من اللحظة الأولى التي ظهرت بها شخصية “رجل الرمال” ومع تعاقب الأحداث وتصاعدها بشكل جنوني، كنت أتسائل عن سبب هدوئه المبالغ فيه؟ وعن عدم إقدامه على التصرف بسرعة ليواكب من حوله!

لتنتهي قصة من القصص، وتبدأ آخرى بنفس الحماس البشري والسرعة الفائقة لإنجاز ما يحاول كل فرد إنجازه اثناء تعامله مع رجل الرمال “إله الأحلام” سواء كان البشر في القصة المحددة على علم بشخصه، أو قدراته أم لا.  لفترة طويلة أثناء استماعي للكتاب الصوتي ظللت أتعجل سير الأحداث، ولما لا يقوم بالتصرف فوراً بدلاً من الإنتظار وإضاعة كل هذا الوقت؟ لما يمنحهم فرصة تلو الآخرى مع أمل بأنهم على وشك الانتصار ليتحرك قبل النهاية بلحظات وينهي كل شيء بطريقته!

كنت أستمع للكتاب اثناء انشغالي بعدة أعمال آخرى فلم أكن بكامل تركيزي أثناء الاستماع، لكن مع مرور الوقت وانجذابي الشديد للقصة، انتبهت آخيراً لنقطة لم أنتبه لها منذ البداية.

انتبهت لتعجلي الشديد كباقي البشر في القصة، لأنني ببساطة مثلهم بشرية فانية أملك وقت محدود لا أستطيع تجاوزه أو تمديده مهما حدث، على عكس “إله الأحلام” أو “رجل الرمال” الذي يملك كل الوقت في العالم. انتبهت مع تعاقب الفصول أنه هناك، دائماً كما هو قبل البشر وبعدهم بدون أي تغير يذكر، على عكس المتعاملين معه بلا استثناء.

كالعادة تعاملت لأول وهلة وفقاً لمنظوري ورؤيتي المحدودة ونسيت أن أنظر للجانب الآخر لثوان قبل أن أتعجل بدوري لمعرفة كيف سينتهي كل شيء.

مع تعاقب الفصول وصلت لنهاية تلو الآخرى، ليست بالسرعة التي أردتها، لكنها نهاية متأنية منطقية مستحقة، وبالتأكيد في آوانها المناسب لفاعلها ومحرك الأحداث الرئيسي.

أتعجل وغيري الكثيرين لفعل كل شيء، في زمن أصبح يقدم لنا أكثر مما يمكننا تحقيقه طوال الوقت، حتى أصبح التعجل والتسرع هما حجري الأساس.

ربما في حالتي أو حالة غيري من البشر، أما في حالة “إله الأحلام” فلم يتعجل من يملك كل الوقت في العالم في معركة باق وحده فيها للأبدية؟!