سارة الشافعي
سارة الشافعي

د

“اللي يخاف من العفريت يطلع له”

قيل في المثل(اللي يخاف من العفريت يطلع له)، وقيل في الآثر (الشؤم عند التشاؤم)، وفي الدين الإسلامي (قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون)، وفي الديانة المسيحية قيل (لن أخشى الشر لأنك معي).

أثبتت الدراسات الحديثة أن التوتر الدائم والتفكير في كل ما قد يحدث لنا بسبب قلقنا الدائم، بالفعل يسبب الكثير من الأضرار على كافة الأصعدة والمستويات.

ببساطة إذا كنا شديدى الخوف تجاه شيء ما علينا فعله، مثل الذهاب لمكان معين، أو إمتحان لا نعتقد أننا مستعدون له، أو حتى كوب إعتقدنا أننا غير قادرين على حمله أو المحافظة عليه، فالنتيجة الحتمية لكل ما سبق هي الفشل الذريع في تحقيق أي مما كنا نود تحقيقه بالفعل. والتبرير المنطقي والعقلاني يقول أننا ظللنا نفكر في الفشل دون غيره، لذلك لم نحصل سوى على ما فكرنا فيه في النهاية.

نفكر في أن أحدهم يحسد ما بيدنا أي كان، فنتصرف بناء على هذا الأساس ونتوتر ونقلق ونتعامل مع الشيء والقلق يملؤنا لنفقده في النهاية، بسبب أهمالنا لما كان معنا وليس بسبب العين الحاسدة. فمثلاً نترك ما يجب علينا الإهتمام به بالفعل، ونلهث وراء ما لا يمكننا تلافيه أو إصلاحه. ماذا سيحدث إذا لم أفهم هذه الجزئية من المادة التي علي استذكارها؟ ماذا لو سقط كوبي المفضل بغض النظر عن كل ما أفعله للحفاظ عليه رغماً عني؟ ماذا لو خسرت شخص عزيز على قلبي بسبب الآخرين الذي ينظرون لي بحسد وبعين الكراهية؟ 

نظل نفكر في احتمالات ومسارات كارثية لن يحدث أغلبها عموماً لو لم نفكر ونقلق أنفسنا، ونتعامل على أساس ما فكرنا فيه وليس ما يحدث بالفعل.

حتى أجسادنا التي يعمل بعضنا للحفاظ عليها بممارسة الرياضات المختلفة، وبنظام طعام صحي وخلافه، قد تتلف وتتضرر لدرجة لا يمكننا تصورها بمجرد اعتيادنا على القلق والتفكير فيما قد يحدث لها في أي وقت لأي سبب.

في النهاية نحن ما نفكر فيه بالفعل، لا يهم رأي الآخرون أو كيف يحكم علينا أي شخص، نحن ما نفكر فيه وما نتحول إليه بفعل تفكيرنا المستمر فيما لا يسبب لنا سوى الأذى.

حتى الشيطان ذاته في كل الآثر والديانات لا يستطيع إيذاء أي منا إلا إذا ضعفنا نحن وسمحنا له بذلك. لا يستطيع أن يتحكم فيك أو يجبرك على فعل أي شيء.

عظيم جداً كل ما سبق ويبشر بحياة رائعة، بناء على ما يمكننا تلافيه وما يمكننا تحقيقه بالفعل والعمل عليه بما لدينا من إمكانيات ومعرفة لم تتواجد لدى السابقين، ولكن الحياة ليست بهذه البساطة، وعقولنا لا يمكننا ضبطها على أي شيء بالسهولة التي نكتب بها أو نقرأ كل ما سبق.

لا يمكنك أن تلغي القلق والتخوف بالضغط على بعض الأزرار أو معرفة بعض المعلومات، ولكن يمكننا أن نعمل على تدريب أنفسنا على ما هو ملائم وما هو في صالحنا، وأن لا نكف عن المحاولة حتى ننجح في هذا الإتجاه كما سبق وفعلنا في الإتجاه المعاكس.