من العالم الذي اعجبت بدوافعه وانجازاته ولماذا
قدَّم العلماءُ عبر التاريخ الكثير لخدمة البشرية، فما وصلنا إليه اليوم ما هو إلا نتاج مساهماتهم، فمن هو العالِم الذي أعجبت بدوافعه وإنجازاته؟ ولماذا؟
سأتكلم عن عالم كان له شخصية رئيسية في الثورة العلمية في القرن السابع عشر وهو العالم الفيزيائي وعالم الرياضيات الإنجليزي إسحاق نيوتن، الذ ولد في 4 يناير عام 1643 في إنجلترا، كان نيوتن هو الابن الوحيد لمزارع محلي مزدهر يدعى إسحاق أيضًا، وتوفي قبل ولادته بثلاثة أشهر، ومن ثم تزوجت والدته وهو في عمر الثلاث سنوات وتركته ليعيش مع جدته، عاش نيوتن حياة حقق فيها الكثير من الإنجازات والاكتشافات والاختراعات المهمة في حياتنا والتي ساعدتنا على فهم الكثير من الأشياء من حولنا، وتوفي في عام 1727 عن عمر يناهز الـ 84 عامًا.
طوّر نيوتن مبادئ الفيزياء الحديثة بما في ذلك قوانين الحركة، وفي عام 1687 نشر أكثر أعماله شهرة وهو كتاب المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية (Philosophiae Naturalis Principia Mathematica)، والذي كان الكتاب الأكثر تأثيرًا في الفيزياء، وقد حصل نيوتن على لقب فارس من ملكة إنجلترا في عام 1705، مما جعله السير إسحاق نيوتن. وأكثر ما انشهر به نيوتن والذي يتبادر إلى ذهن أغلبنا عند ذكر نيوتن هو أنه اكتشف الجاذبية عندما كان جالسًا تحت شجرة التفاح وسقطت تفاحة على رأسه، مما دفعه إلى التساؤل عن سبب سقوطها بشكل مستقيم ووصل بذلك إلى اكتشاف نظرية الحركة والجاذبية.
أول إنجاز علمي لنيوتن كان تصميم وبناء تلسكوب عاكس في عام 1668، ومن ثم قام باكتشافات كبيرة في البصريات والحركة والرياضيات، وافترض أن الضوء الأبيض هو مركب من جميع ألوان الطيف وأن الضوء يتكون من جزيئات. اشتهر نيوتن بشكل أكبر بعد وفاته كما أعلنه العديد من معاصريه أنه أعظم عبقري عاش على الإطلاق، حيث كان لاكتشافاته تأثير كبير على الفكر الغربي، وأدى ذلك إلى مقارنات كثيرة مع آخرين كأفلاطون وأرسطو وغاليليو.
في الوقت الذي كانت تعيش فيه أوربا منبع العلماء والمفكرين في عصر الظلام والانحطاط، كانت هناك حركة علمية وفكرية قوية في العالم الإسلامي والعربي.
كان يدعى هذا العصر بالنسبة للعلماء المسلمين بالعصر الذهبي الإسلامي ومن أهم علماء ذاك العصر العالم السوري المعروف باسم ابن النفيس (Ibn Al-Nafis).
وسبب حبي لهذا العالم أنه وفي البداية عالمٌ عربي من سوريا، بالإضافة إلى أنه لم يكن ينتقد أخطاء الأطباء من قبله إلا بعد دراسة وتجريب منهجهم.
كان لعلاء الدين علي بن أبي الحرم القرشي الدمشقي (ابن النفيس) دوراً هاماً في دفع العجلة الطبية نحو الأمام بسبب اكتشافه للدورة الدموية الصغرى التي مهدت الطريق لاكتشاف الدورة الدموية الكبرى.
كان ابن النفيس أول من قال أنّ دم يقوم برحلة من البطين الأيمن مروراً بالرئتين حتى يصل إلى البطين الأيسر وذلك بسبب وجود جدار فاصل بين البطينين والذي يمنع وصول الدم بشكل مباشر من الجانب الأيمن إلى الأيسر.
لم تقتصر أعمال ابن النفيس على الدورة الدموية الصغرى، فبجانب ذلك كتب ابن النفيس العديد من الكتب التي ساهمت في نهضة العلوم الطبية ككتاب (المهذّب في الكحالة) وكتاب (المختار في الأغذية).
بالإضافة لذلك كان يعتمد ابن النفيس في علاجاته على تنظيم غذاء المرضى وجعلهم يتبعون نظام غذائي صحي بدلاً من وصفه لهم الأدوية والعقاقير.
لا يمكن لأحدٍ أن يُنكر الفضلَ الكبيرَ للكثيرِ من العلماء في تحسين نوعية الحياة ودفع عجلة التطور في العديد من المجالات، وسأُخبركَ الآن عن أكثر العلماء تأثيرًا فيَّ بأقواله وأسلوب حياته وطريقة عمله وتحقيقه لإنجازاته؛ ألا وهي ماريا سكلودوسكا والمعروفة باسم ماري كوري، وهي عالمة الفيزياء والكيمياء البولندية الفرنسية، التي كانت أول امرأةٍ تنالُ جائزتي نوبل في مجالين مختلفين، والمرأة الأولى والوحيدة التي كُرِّمت عند وفاتها بنقل رُفاتها إلى البانتيون في باريس.
إنّ أكثرَ ما دفعني للإعجاب بها هو سعيها المستمر والدؤوب لاكتشاف كل جديدٍ مفيدٍ، والمتمثل بأقوالها مثل:” لا أرى ما تم إنجازه بل أرى ما لم يتم إنجازه “، وأفعالها؛ حيثُ تفوَّقت في دراستها بالرغم من ظروفها العائلية والاقتصادية، ووجدت لنفسها جامعةً سريةً لتُكملَ فيها دراستها بعد أن منعتها قوانين المجتمع الذكوري من دخول جامعة وارسو التي كانت حِكرًا على الطلاب الذكور.
ونالت درجة الماجستير وتابعت أبحاث هنري بيكريل على ذرة اليورانيوم، وتأسس مجالُ الفيزياء الذرية بعد وضعها لفرضية أن الأشعة تنبعث من البنية الذرية للعنصر نفسه وليس من تفاعلٍ بين الذرات، واكتشفت مع زوجها بيير كوري عنصرًا مُشعًا جديدًا أطلقوا عليه اسم البولونيوم بعد دراستهما الحثيثة لمعدنٍ غنيٍّ بالإشعاع أسموه الراديوم. ولعلّ أكثرَ الصور التي تجلى فيها حبُّ ماري للعلم هو عندما أنفقت أموال جائزة نوبل لإكمال أبحاثها.
ولن أنسى إخبارك بمواقفها الإنسانية الرائعة، حيث وبالرغم من شهرتها الواسعة وأهمية أعمالها لم تتوانى في تكريس جهدها ووقتها في مساعدة ضحايا الحرب العالمية الأولى، واستخدمت جهازًا متنقلًا للأشعة السينية والذي كان له فضلٌ كبيرٌ في إنقاذ العديد من الأرواح، بالإضافة لإحساسها العالي بالمسؤولية والوفاء لعائلتها؛ فماري التي لطالما حلمت بالسفر للحصول على شهادةٍ جامعيةٍ مرموقةٍ وإكمال دراستها قد ضحَّت ببضعِ سنواتٍ من عمرها لتعملَ كمربيةٍ في المنازل ومدرسةٍ لتستطيع جني بعض المال ومساعدة أختها برونيا في دراستها للطب في جامعة السوربون لتردّ برونيا المعروف بعد إنهائها دراستها.