ما علاقة البراكين بتكتونية الصفائح
يربط العلماء ثوران البراكين بحركة الصفائح التكتونية، فما هي تلك العلاقة؟ وكيف تساعد الصفائح في اثارة البراكين؟
البركان هو تشقّق يحدث في قشرة الأرض، ويكون بشكل هضبة أو جبل مخروطيّ. عندما يثور البركان تندفع منه الحممُ البركانيّة والرمادُ والمواد الصلبة والغازات إلى سطح الأرض، حيث من الممكن أن يثور البركان فجأة وهنا نسميه بركانًا نشط، أو أنه قد يكون هناك احتمال لثورانه مستقبلًا، وهنا يطلق عليه البركان الخامل، وأما البراكين التي لم تسجّل أي ثوران عبر التاريخ فهي منقرضة.
وفقًا لنظرية تكتونية الصفائح، فإن الأرض كوكب نَشِط يتكون سطحه من العديد من الصفائح الفردية التي تتحرك وتتفاعل وتتغير باستمرار لتعيد تشكيل الطبقة الخارجية للأرض. أما علاقة البراكين بتكتونية الصفائح، فالصفائح التكتونية تعتبر سببًا من أسباب ثوران البركان.
بما أن الصفائح التكتونية هي أجزاء من قشرة الأرض، فعندما تتحرك وتتباعد عن بعضها بمعدّل بطيء للغاية، ولبضع سنتيمترات فقط في السنة، يؤدي ذلك إلى اندفاع الصهارة (أو يسمى الماغما) من باطن الأرض بغية ملء الفجوات بين هذه الصفائح المتباعدة، وهذا ما يتسبب بثوران البركان.
هناك نوعان من حدود الصفائح التكتونية التي قد تؤدي حركتها لنشاط البركان وهي:
حدود الصفائح المتباينة: أو المتباعدة، وفيها تتحرك الصفائح بشكل متباعد عن بعضها مع عدم انفصالها عن بعضها البعض، حيث تصل الصهارة الحدود المتباعدة وتشكّل مادة جديدة على الجانبين.
حدود الصفائح المتقاربة: عند حدود الصفائح المتقاربة، تتحرك الصفائح باتجاه بعضها وتتصادم، وتنزلق الصفيحة الأكثر كثافة تحت الأقل كثافة وتتشكل خنادق عميقة.
تتنوّع البراكين وتختلف بالتصنيف، فقد تّم تصنيفها حسب النشاط وحسب الثوران وحسب الشكل أيضًا. فنجد منها ما هو طبقي (المتميّز بشكله المخروطيّ، الشكل الأكثر شهرة) ومنها ما هو درعي قليل الانحدار ومنها الغائصة وغيرها. ولكن ما هو مشترك بين جميع هذه البراكين هو العلاقة التي تربطها مع الصفائح التكتونية.
ولكن قبل الحديث عن العلاقة بين البراكين والصفائح التكتونية لا بدّ من فهم هذه الصفائح وكيفيّة عملها. تتكوّن الكرة الأرضية من عدّة طبقات فنجد الغلاف الصخري وهو الصفيحة الخارجية وتبلغ سماكته 100 كم تقريبًا. في الحقيقة ينقسم هذا الغلاف الصخري إلى عدّة صفائح متفاوتة في الحجم فنجد منها الكبير، والمتوسط والصغير. وهي ما يُعرف بالصفائح التكتونية.
تتحرّك هذه الصفائح بالنسبة لبعضها بمعدّل بسيط سنويًّا بحيث يتراوح بين 5 – 10 سم، تتنوّع الحركات بين تقارب وتباعد وانزلاق. وعلى الرغم من الحركة البسيطة للصفائح إلا أنها كافية لتحرّيض البراكين والزلازل الأرضية والتي قد تحدث أيضًا في أجزاء داخلية من الصفيحة نفسها.
من التأثيرات الأخرى الناجمة عن حركة الصفائح تشكّل الجبال والمحيطات. فبالنسبة للجبال تتشكّل عندما تتقارب الصفائح من بعضها أو تدفع بعضها بعضًا. والعكس بالنسبة للمحيطات فتتشكل عندما تتباعد هذه الصفائح وتتفكّك.
تتضمن القشرة الأرضية ما ُعرف باسم الصفائح التكتونية (Tectonic plates) التي تطفو فوق طبقة الوشاح (Mantal)، وهي الطبقة التي تفصل القشرة الأرضية والنواة. وتتشكل 90 % من البراكين على حدود الصفائح التكتونية للأرض، التي تتحرك باستمرار بمعدل بطيء جدًا، ولبضعة سنتيميترات سنوياً، التي قد تصطدم مع بعضها أو تتباعد.
فعند الحدود المتقاربة (convergent plate boundaries)، تنزلق الصفيحة الأكثر كثافة تحت الصفيحة الأقل كثافة “عملية الاندساس”، حيث تتشكل خنادق عميقة، مع تحرك حافة الصفيحة الأكثر كثافة إلى أسفل، يزداد الضغط ودرجة الحرارة المحيطة بها، مما يؤدي إلى تغييرات في الصفيحة الذي يذوب الوشاح أعلاها، لترتفع الصخور المنصهرة من خلالها، وتصل أحيانًا إلى السطح كجزء من البركان. على مدى ملايين السنين يمكن للصهارة الصاعدة أن تخلق سلسلة من البراكين المعروفة باسم القوس البركاني.
عند الحدود المتباعدة (Divergent plate boundaries) تتباعد الصفائح التكتونية عن بعضها البعض، وتتحرك الصهارة باستمرار لمنطقة أعلى من الوشاح لتصل إلى الحدود المتباعدة، وتشكل مادة جديدة على الجانبين؛ عند الوصول إلى السطح تبرد الصهارة بسرعة لتشكل أرضًا جديدة.
المحيط الأطلسي هو موطن لحدود صفائح متباعدة، تتحرك الصفائح التكتونية في أمريكا الشمالية وأوراسيا في اتجاهين متعاكسين، على طول منتصف المحيط الأطلسي، تتراكم الصهارة الساخنة إلى أعلى، وتصبح جزءًا من صفائح أمريكا الشمالية والأوراسية. تخلق الحركة الصاعدة والتبريد النهائي لهذه الصهارة الطافية حوافًا عالية في قاع المحيط. هذه التلال مترابطة وتمثِّل أطول سلسلة جبال بركانية في العالم تصل لــ 60،000 كيلومتر.
الصفائح التكتونية هي السيارات الخفيّة تحت أقدامنا، وهي ألواح تطفو على القشرة الأرضية فوق المواد المنصهرة الموجودة في باطن الأرض، وجودها يفسّر حركة سطح الأرض منذ الأزل، ووقودها تيارات الحمل الحراري التي تنشأ من حركة المعادن والصخور عند انصهارها في طبقة الوشاح، حيث تتحرك بمعدل 3 إلى 5 سنتيمترات سنويّاً.
وتنقسم إلى عشرات المقاطع المنحنية حجم كلّ واحدة منها من مئات إلى آلاف الكيلومترات، ويذكر أطلس العالم وجود سبع صفائح رئيسية على سطح الأرض تم العثور على معظم البراكين في العالم على حوافها.
علاقة البراكين بتكتونية الصفائح علاقة وثيقة، وذلك نتيجة الشقوق التي تحدث في صخور القشرة الأرضية وتشكل الصفائح التي تصطدم مع بعضها مكونة البراكين، فعندما تكون القوى التكتونية تمددية تتباعد الصفائح، ويتكون البركان الذي لا يلبث أن يثور وبشدة.
وأما إذا كانت القوى انضغاطية ستبتعد عن بعضها وترتفع المواد المنصهرة لتكوّن البراكين الخاملة التي تنفجر ببطء، وتعدّ حركة هذه الصفائح عندما تندفع إحداها تحت الأخرى من أهم أسباب إنفجار البراكين، حيث تندفع المواد المنصهرة والرواسب ومياه البحر وتفيض ناشرة الحمم البركانية في الجوّ.
ويجب أن تعلم بوجود ثلاثة أنواع من الصفائح التكتونية:
- الصفائح المتباينة: وهي التي تتباعد عن بعضها في بعض المواقع المنتفخة حرارياً.
- الصفائح المتقاربة: التي تتلاقي في بعض الخنادق المحيطية العميقة.
- الصفائح المتحولة: التي تنزلق فوق بعضها البعض.
ونلاحظ النشاط البركاني غالباً عند حدود الصفائح المتباينة والمتقاربة.