مفهوم الألبيدو هو أحد الطرق لتحديد مقدار الانعكاس الإشعاع الشمسي عن الأسطح، حيث أن الأسطح الحاوية على الألبيدو بشكل عال تعكس الإشعاع الشمسي بكثرة إلى طبقات الغلاف الجوي، أما الأسطح التي تملك ألبيدو منخفض ستعكس كمية قليلة من الإشعاع الشمسي، وتمتص ما تبقى من الكمية المنعكسة. ومن الجدير بالذكر، تملك الأسطح ذات اللون الأبيض ألبيدو مرتفعًا جدًا، في حين تكون الأسطح الداكنة ذات ألبيدو منخفض.
أي يساعد الألبيدو في معرفة مدى انعكاسية الأشعة عن الأسطح، حيث تتراوح قيمته بين الصفر والواحد مهما اختلف نوع السطح، حيث تعطى القيمة صفر للأسطح التي تمتص الأشعة الشمسية، وتأخذ كل كمية الضوء الواصلة إليها، وتكون هذه الأسطح غالبًا سوداء أو ذات لون غامق، وتعرف بالأسطح الماصة للضوء. أما القيمة واحد فتُعطى للأسطح التي تعكس الضوء ولا تمتصه، وتكون هذه الأسطح بيضاء اللون.
وتؤثر تلك الظاهرة تأثيرًا كبيرًا في مناخ الكرة الأرضية، حيث ترتفع درجة حرارة الكوكب بازدياد الإشعاع الشمسي الذي يمتصه، في حين إذا ارتفعت نسبة الالبيدو سيبرد الكوكب، لأن الأرض ستعكس الإشعاع بكميةٍ أكبر. كما تؤثر مكونات الأرض المختلفة على ظاهرة الألبيدو، بما فيها الأشجار والثلوج والغيوم التي تساهم في خفض ورفع درجة الألبيدو. فمثلًا الجليد الذي يحوي كمية مرتفعة من الألبيدو يعكس كمية عالية من الإشعاع الشمسي باتجاه الغلاف الجوي، مما يساهم في محافظة الجليد على برودته.
ومن جهة أخرى، يميل معظم الناس لارتداء الملابس ذات اللون الأبيض أو ذات الألوان الزاهية، ويبتعدون عن الألوان الداكنة والغامقة بشكل عام، كما يفضل معظمهم استعمال المظلات البيضاء أو المظلات ذات الألوان الفاتحة في الأيام الحارة، بسبب القدرة الكبيرة جدًا للألوان القاتمة على امتصاص الإشعاع الشمسي، بينما تستطيع الألوان الفاتحة عكسه بشكل كبير جدًا، مما يخفف درجات الحرارة، ويقلل من تأثير الأشعة الشمسية.
كما يحاول العلماء استخدام هذه الظاهرة لتأخير أو حتى منع تأثير الاحتباس الحراري، وسميت هذه العملية بنهج ألبيدو للأسطح، والتي تهدف لجعل الكثير من الأسطح أكثر إشراقًا، مما يزيد من انعكاس الإشعاع الشمسي لتقلل من تأثيرات الاحتباس الحراري.
لذلك تركز الكثير من هذه النهج على تعديل نسبة الألبيدو ضمن المناطق الحضرية، من خلال اختيار اللون الأبيض لأسطح وجدران الأبنية، بالإضافة لاستعمال الألوان المشرقة في مختلف النواحي الموجودة في المدينة، باعتبار أن الألوان الداكنة تزيد من نسبة الالبيدو إلى حد كبير، بالإضافة لتقليل وجود الغابات الكثيفة والصحاري التي تتميز بألوانها الداكنة التي تمتص الحرارة.
كما يتأثر الألبيدو بذوبان الثلوج، حيث ينقص ذوبان الثلوج نسبة الألبيدو، مما سيقلل الإشعاعات الشمسية المنعكسة وسيرفع امتصاصها إلى الأرض، فتزداد درجات الحرارة بشكل كبير في الأرض، مما سيزيد الأمر صعوبةً في إيجاد حلول لمشكلة الاحتباس الحراري.
ويوجد الكثير من العوامل المؤثرة في الألبيدو، ومن هذه العوامل نذكر ما يلي:
- العوامل البشرية، وخاصة إنشاء المدن وترك الأراضي خالية.
- الغازات الدفيئة، حيث يؤثر غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى بشكل كبير على الألبيدو.
- التلوث الناتج عن انبعاث كميات كبيرة من الفوسفور والنتروجين إلى الغلاف الجوي والمسطحات المائية.
- تؤثر زيادة أو نقصان المياه بشكل كبير على نسب الألبيدو.
هل سألت نفسك يومًا لم نميل إلى الألوان الفاتحة في الصيف ونتجنّب الغامقة ونفعل العكس في الشتاء، إذ ننجذب للألوان الغامقة في الشتاء ونتجنّب الفاتحة؟ إنّ الجواب بسيط وهو ظاهرة الألبيدو، وهو الطريقة المُتبعة لتحديد مدى انعكاس الإشعاع الشمسي عن الأسطح.
وتحتوي الأسطح ذات الألوان الفاتحة على كمية ألبيدو عالية ومن مميزاتها أنّها تعكس الكثير من أشعة الشمس إلى طبقات الغلاف الجوي مرة أخرى، أمّا تلك الغامقة والداكنة فهي تحتوي على ألبيدو منخفض وبالتالي فهي تعكس كمية قليلة من أشعة الشمس وتمتص الباقي.
ولهذا الأمر أهمية أكبر بكثير من أمور تتعلق بما نرتديه في الصيف والشتاء، إنّما له تأثيرٌ مُباشرٌ على التغيراتِ التي يتعرضُ لها المناخ. فارتباط الألبيدو بكميات كبيرة بالأسطح البيضاء مثل الجليد يتسبب في انعكاس كميات كبيرة من أشعة الشمس إلى الغلاف الجوي.
وبالنسبة لتحديد كمية الالبيدو وقياسه فهذا الأمر يتم عبر مقياس تتراوح قيمته ما بين 0 و1، وعلى الرغم من اختلاف كميات الالبيدو في الأسطح إلّا أنّها جميعها تتراوح ما بين المقياسين. ويُعطى المقياس 0 للأسطح التي تمتص الأشعة الشمسية وتأخذ كافة الضوء الذي يصلها من الشمس، وتُنسب هذه القيمة إلى الأسطح السوداء، أمّا المقياس 1 فهي تُنسب إلى الأسطح التي تعكس أشعة الشمس إلى الغلاف الجوي أي الأسطح التي لا تمتص الضوء بل تعكسه، وفي الغالب تكون هذه القيمة مقياس يُنسب إلى الأسطح البيضاء واللون البيض.
ومن تأثيرات ظاهرة الألبيدو على الأرض أنّه كلما ازدادت كمية الإشعاع الشمسي الذي تمتصه الأرض سيؤدي ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة، وفي حال كانت نسبة الألبيدو عالية فهذا سوف يؤدي إلى تبريد كوكب الأرض لأنّ الأرض ستعكس أشعة الشمس بكميات أكبر.
وبالطبع هناك بعض العوامل التي تؤثر الالبيدو مثل الثلوج والغيوم وحتّى الأشجار لأنّ لها دور في تفاوت درجات الألبيدو في منطقةٍ ما دون عن الأخرى، وهناك بعض العوامل الأساسية التي لتي تؤثر على الألبيدو بشكلٍ صارخ وهي: بعض العوامل البشرية، مشاريع البناء والإسكان “المدن الحضرية” التي يقوم بها الإنسان وهذا بدوره يؤدي إلى ترك الأرض خاوية وعارية وسيسبب هذا إلى ارتفاع أو انخفاض متوسط الألبيدو ما بين منطقة وأخرى، كما تؤثر بعض الغازات مثل غاز ثنائي أوكسيد الكربون على توزع الألبيدو بين المناطق.
إنّ وجود الماء في منطقةٍ ما بكمياتٍ متفاوتة يؤثر على هذه الظاهرة، كما يؤثر ذوبان الثلوج على الالبيدو بشكلٍ كبيرٍ إذ مع نقص الثلوج يؤدي ذلك إلى تقليل كمية الأشعة الشمسية المنعكسة ويزداد امتصاص الأرض لها.
ويتبع العلماء حاليًا عملية يُطلقون عليها “نهج الالبيدو” ويُريدون من خلالها استغلال هذه الظاهرة لمنع أو على الأقل تأخير الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري. وجوهر هذه العملية يكمن في جعل أكبر عدد ممكن من الأسطح برّاقة وبيضاء وأكثر إشراقًا لتعكس أكبر كمية ممكنة من أشعة الشمس وبالتالي سوف تخف الآثار الناجمة عن الاحتباس الحراري.