التجوية (Weathering ): هي عمليةٌ تصف التغيرات والتبدلات التي تحصل على الصخور والمعادن، وتشير هذه التبدلات والتغيرات إلى التفتت والإذابة والتآكل. للتجوية عدة عواملٍ منها: الجليد والحرارة والنباتات والحيوانات والأملاح والأحماض.
لا يوجد صخرةٌ في الكرة الأرضية تستطيع الوقوف في وجه عملية التجوية والتآكل. عندما تتفتت الصخور نتيجة العوامل السابقة تنتقل بقاياها بعيدًا عبر ما يسمى بعملية ال” erosion “. تأثير عملية التجوية أكبر من أن نستطيع تخيله فعلى سبيل المثال وادي Grand Canyon في الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدًا في ولاية أريزونا هو أحد نتائج التجوية ويبلغ طوله 446 كم وبعرض 29كم وعمق 1600 متر. تلعب التغيرات الجوية (رياح وأمطار وتأثير الحرارة العالية) دورًا كبيرًا في نحت الصخور المكشوفة وتآكلها عبر الزمن أما الصخور المدفونة والمغطاة بالتراب (أو أي مادةٍ أخرى) تبقى في أمانٍ من هذه التغيرات.
على الرغم من أن التجوية تنتج فتات الصخور والمعادن إلا أنّ هذه النتيجة هي أول خطوةٍ من خطوات تشكل التربة التي نعرفها حيث يمتزج هذا الفتات ببقايا الحيوانات والنباتات والبكتيريا والفطريات لتشكل التربة. تعتمد جودة التربة الناتجة في هذه الحالة على نوعية الصخور واحتوائها على المعادن والمواد الأخرى التي تساهم في رفع أو خفض نسبة هذه الجودة. بناء على ما سبق يمكن أن نقول أن هناك تجويةٌ بيولوجيةٌ تشارك فيها الكائنات حية مجتمعةً وهذه التجوية تشكل جزءًا من نوعي التجوية الأساسيين وهما: التجوية الميكانيكية والتجوية الكيميائية.
التجوية الميكانيكية: وتسمى أيضًا التجوية الفيزيائية وهي تسبب انهيار الصخور. تشكّل الماء في شكليها السائل والصلب(الجليد) العامل الرئيسي للتجوية الميكانيكية. عند تسرب الماء إلى الشقوق الصخرية وتجمدها بداخلها بفعل انخفاض الحرارة فإنها تتمدد ونتيجة لذلك تتشقق الصخور ببطء. وعندما ذوبان الجليد وتحوله إلى سائلٍ يتدفق داخل الشقوق الصخرية فإنه يجرف معه فتات الصخور المتشققة وهذا ما يسمى ب”دورة الذوبان” وفي هذه الحالة تسمى التجوية ب”التجوية بالصقيع أو التجميد”. إضافةً إلى الماء هناك عاملٌ رئيسي يؤثر في التجوية الميكانيكية وهو الحرارة، حيث أن تغيرات الحرارة تؤدي إلى تمدد الصخور وتقلصها باستمرارٍ وهذا بدوره يُضعف هياكل الصخور. تسمى العملية السابقة ب “الإجهاد الحراري” وتٌلاحظ بقوةٍ في المناطق الصحراوية حيث التغيرات الكبيرة في الحرارة بين الليل والنهار.
هناك عواملٌ أخرى يمكن أن تساهم في التجوية الميكانيكية مثل النباتات. يحدث ذلك عند نمو النباتات في شقوق الصخور وأثناء نمو الجذور تتوسع الشقوق الصخرية باستمرار مما يؤدي في النهاية إلى تشققها بشكلٍ كبيرٍ وهذا أحيانًا قد يؤثر حتى على الصخور الكبيرة.
التجوية الكيميائية: يتحد ثنائي أكسيد الكربون الموجود في الجو أو التربة مع الماء ليتشكل ما يسمى ب”حمض الكربونيك” والذي بدوره يؤدي إلى تفتت الصخور في حال تسربه إلى الشقوق. هذا ما يسبب أحيانًا ظهور الكهوف.
تؤدي التجوية الكيميائية أحيانًا إلى تغييراتٍ مثيرةٍ في شكل الصخور لتنتج مناظر طبيعية مميزة تسمى كارست” karst”. تعتبر ” Shilin” واحدةٌ من أجمل هذه المناظر الطبيعية الخلابة وهي تسمى أيضا الغابة الحجرية وهي تقع في الصين وتبدو على شكل أعمدةٍ عاليةٍ من الصخور المثقوبة والمفرغة بشكل مذهل.
في بعض الأحيان تساهم أنشطه الإنسان في تسريع التجوية فعلى سبيل المثال: الغازات المنبعثة من احتراق البترول والغاز تتحد مع ضوء الشمس وبفعل الرطوبة تتحول الى أمطار حمضية تساهم بشكلٍ كبيرٍ في تفتيت الصخور كما ذكرنا سابقًا.
لا توجد صخرة على الأرض مهما بلغت صلابتها، قادرة على أن تقاوم قوى العوامل الطبيعية كالتجوية والتعرية، فالتجوية هي عملية من العمليات الطبيعية التي تحدث على سطح الأرض، يتم فيها تفكُّك وتفتُّت الصخور بأنوعها، وقد تشمل عملية التجوية كل من التربة ومواد أخرى، وتحدث التجوية بمكانٍ ثابت أو تكون هناك حركة شبه معدومة، وهذا ما يميزها عن التعرية “الحت” التي تشمل حركة الصخور والمعادن إلى أماكن بعيدة.
يمكن أن نُصنِّف التجوية إلى تجوية فيزيائية وأخرى كيميائية، لكلٍ منها عوامل مُسببة وآلية خاصة، ويُضاف إليهما التجوية البيولوجية التي لها عوامل مشتركة بين الاثنين:
التجوية الفيزيائية: والتي تُسمى أيضًا التجوية الميكانيكية، وتُفكَّك فيها الصخور دون أي تغيير كيميائي، وغالبًا يكون الماء في شكليه الصلب والسائل عاملًا أساسيًا في هذا النمط من التجوية، حيث يمكن أن يتسرب الماء إلى الشقوق بين الصخور، وفي درجات الحرارة المنخفضة سيتجمد الماء، وبالتالي سيتمدد وثمَّ يعمل الجليد كإسفين، يوسع الشقوق ببطء ويقسم الصخر.
كما تلعب درجات الحرارة دورًا آخر بالتجوية الفيزيائية، عبر ما يُسمى الإجهاد الحراري، حيث تؤدي التغيُرات في درجة الحرارة إلى تمدد الصخور (بالحرارة) والتقلص (مع البرودة)، وعندما يحدث هذا مرارًا وتكرارًا فاأ،ه يُضعِف هيكل الصخرة، ومع مرور الوقت و تتفكك، وتحدث هذه العملية في المناطق الصحراوية بشكلٍ خاص، وذلك نتيجًة لتغيُر درجات الحرارة بين النهار والليل.
يمكن أن تكون تغيُرات الضغط أحد عوامل التجوية الفيزيائية، عبر عملية تُسمَّى التفريغ، فيمكن فجأة لتغير ضغط الهواء مثلًا، أن يزيل الطبقات العلوية للصخور. ونضيف الحيوانات أيضًا لهذه العوامل ومن ضمنها الإنسان، فقد نقوم بالتجوية عمدًا، ويمكن للحيوانات التي تحفر أنفاق تحت الأرض تسبب ذلك دون قصد كالخُلد.
التجوية الكيميائية: يتميز هذا النوع بتغييره التركيب الجزيئي للصخور والتربة، عبر تفاعلات كيميائية على مدى فترات طويلة جدًا من الزمن، وتشمل التفاعلات الكيميائية: التحلل المائي والتمييه والأكسدة والكربنة إضافًة للتحميض، وكما لاحظنا تتطلب هذه العمليات الكيميائية الماء، وتحدث بشكل أسرع في درجات الحرارة المرتفعة، أي يلزمها مناخ دافئ ورطب.
سنتحدث عن أهم العمليات الكيميائية، آنفة الذكر:
- الانحلال: يتحد ثاني أكسيد الكربون من الهواء أو التربة أحيانًا مع ماء المطر في عملية تسمى الكربنة. ينتج عن ذلك حمض ضعيف، يسمى حمض الكربونيك والذي يمكنه إذابة الصخور، وبشكل خاص في إذابة الحجر الجيري
- التحلل المائي: بهذه العملية تقوم جزيئات الماء بتفكيك الصخور، فمن الممكن أن يسبب تحرك الماء إلى إنتاج محلول ملحي يكون العامل المسبب.
- الأكسدة: تتم هذه العملية في الصخور التي تحوي الحديد، فعند وجود الماء والحديد سيتشكل لدينا الصدأ، فالصدأ كما نعلم مركب ناتج عن تفاعل الأكسجين والحديد في وجود الماء، ومع تمدد الصدأ، فإنه يُضعِف الصخور ويساعد في تفتيتها.
التجوية البيولوجية: هي الضعف والتحلل اللاحق من قبل النباتات والحيوانات وميكروبات الصخور، فمثلًا قد تنمو نبتة في تربةٍ مُجمعة خلال شقٍ صخري، وبالتالي كلما كبرت النبتة زاد مدى الشق، وفي النهاية ستتكسر الصخرة وتتفتت.