ما الفرق بين اللقاح والمصل
مع تفشي الأمراض وانتشار الأوبئة سعى الإنسان جاهدًا للعلاج من هذه الأمراض والوقاية من الأوبئة، حيث قام باختراع واكتشاف العديد من الأدوية التي كان لها دور فعال في العلاج، واكتشاف اللقاحات في الوقاية من الأوبئة، مع العلم أنه يوجد فرق بين الدواء الذي هو عبارة عن مركبات كيميائية يساعد في علاج وتخفيف حدة المرض وبين المصل واللقاح.
إن الجهاز المناعي لدى الإنسان يحتوي على العديد من الخصائص والمميزات ومنها القدرة على التعلم والتعرف على ما هو جسم ذاتي أو جسم غير ذاتي أو غريب، بحيث تتعرض الأجسام الغريبة لأجسام مضادة من الكريات البيضاء، والتي تتفاعل معها فورًا وتشكل نوع من رد فعل فوري إضافة لرد فعل مستقبلي لهذه المستضدات، بحيث إذا تعرض الجسم لنفس هذه الأجسام يشكل رد فعل مسبق لهذه المستضدات لمكافحتها فورًا، فخلايا الدم البيضاء تتفاعل بطرق مختلف بحيث ينتج بعضها خلايا أجسام مضادة ترتبط بهذه الأجسام الغريبة، قد تتسبب هذه الخلايا بتدمير ذاتها أو تعمل على تسهيل تفاعل الخلايا البيضاء الأخرى مع هذه الأجسام، وبناءً على هذا المبدأ تم اختراع اللقاحات، بحيث تحتوي هذه اللقاحات على الجراثيم الميتة أو المعطلة المسببة للأمراض المراد مكافحتها، فمثلًا لقاح شلل الأطفال يحوي على فيروس شلل الأطفال، ولقاح الجدري يحوي على فيروس الجدري، لكن يتم معالجة هذه الفيروسات معمليًا من خلال المختبرات لاضعافها بحيث تصبح غير قادرة على إصابة الشخص الذي يحصل عليها بالمرض،
أما بالنسبة للأمصال تستخدم بهدف العلاج وتعزيز الوقاية السريعة، لكن مدة فاعليتها فترة قصيرة تتراوح بين عدة أيام لعدة أسابيع، حيث أن المصل إحدى مشتقات الدم وهي البلازما الخالية من الخلايا والصفيحات وعوامل التخثر، وتحتوي على أجسام المضادة وهي عبارة عن بروتينات تتعرف على المستضدات حيث ترتبط بها وتعطل عملها والتي تنتج من البكتريا والفيروسات، نستطيع الحصول عليها من متبرع بالدم شفي من المرض المطلوب مصل له، مع إزالة كل خلايا الدم وعوامل التجلط، ويستخدم المصل لغرض علاجي أو تحقيق وقاية سريعة لكن لفترة قصيرة من أيام لأسابيع، كما أن المصل يمنح الأفضلية على اللقاح وذلك لأن اللقاح قد يحتاج لوقت طويل بتشكيل دفاعات الجسم ضد المرض، كما أنّ المصل في كثير من الأحيان أفضل من الدواء الكيميائي وذلك لأن الجسم صنع المضادات ضد مرض معين وبالتالي تغني الجسم عن الدواء، بالرغم من أن المصل يدوم لفترة قصيرة وفي حالات عديدة غير فعالة في احتواء الأمراض خاصة التي تكون على شكل أوبئة، والتي تتفشى بشكل سريع وعلى نطاق واسع، مع العلم أنّ المصل يستخدم كحل علاجي أي له دور مشابه لدور الدواء، لكنه لا يعد حلًا وقائيًا كاللقاح.
فاللقاح يعمل على تحفيز الجهاز المناعي للإنسان بحيث يعمل على إنتاج الأجسام المضادة تمامًا كما لو أن الجسم أصيب بالمرض، وليس للقاح اي أعراض شديدة ولا تجعل الشخص يصاب بالمرض، وبذلك تكون اللقاحات هي الحلول الأنجع والأفضل لمحاربة الأمراض والأوبئة فهي تمنع الإصابة بالأمراض بالأساس، وهي أحد أكثر الطرق فاعلية للوقاية من الأمراض، واللقاح يساعد الجهاز المناعي على التعرف على الفيروسات والبكتريا المسببة للأمراض ويعمل على مكافحتها والقضاء عليها.
منذ بداية التاريخ، عانت البشرية من أوبئة مختلفة وأمراض سارية ومعدية كثيرة، كانت نتائجها آلاف الضحايا، ولا يزال المجتمع الطبي يسعى حتى يومنا هذا للقضاء على هذه الأوبئة والعوامل الممرضة من خلال أساليب متعددة مثل استخدام اللقاح للوقاية، والمصل للعلاج.
الفرق بين اللقاح والمصل
عند تعرض الجسم للعامل الممرض، يستجيب الجهاز المناعي بعد تعرفه على هذا العامل، ويقوم بإنتاج الأضداد الكفيلة بالقضاء على العامل الممرض وحماية الإنسان، إذاً الأضداد هي التي تقضي على العوامل الممرضة وتدافع عن الجسم، يؤمن اللقاح والمصل وجود الأضداد، لكن الاختلاف الأساسي بينهما هو كيفية تأمين هذه الأضداد ومدة بقائها فعالة في الدفاع عن الجسم. عند إعطاء اللقاح يقوم الجسم نفسه بإنتاج الأضداد وغالباً ما تدوم لفترات طويلة، أما المصل فهو يحتوي على الأضداد جاهزة منقولة من شخص آخر وتستمر في الحماية من المرض لفترة أسبوع إلى عشرة أيام كحد أقصى. يمكن توضيح الفرق بين اللقاح والمصل من خلال السطور التالية.
يعرف اللقاح حسب منظمة الصحة العالمية بكونه وسيلة وقاية آمنة وفعالة تهدف إلى حماية الناس من الإصابة الخطيرة بالعوامل الممرضة عن طريق تفعيل الجهاز المناعي للجسم ودفعه لإنتاج الأضداد. يمكن أن يحتوي على اللقاح على الكائن الحي المضعف أو المقتول بشكل كامل، ومن الممكن أن يحتوي على أجزاء بروتينية من العامل الممرض تسمى بالمستضدات وتكون كفيلة بتحفيز الجهاز المناعي ودفعه لإنتاج الأضداد، وفي كل الحالات لا تكون هذه العوامل قادرة على إحداث المرض أو الإصابة بالمضاعفات.
تُعطى معظم اللقاحات عن طريق الحقن العضلي، ومن الممكن أن تعطى عن طريق الفم أو رشاً بالأنف. تتوفر الآن الكثير من اللقاحات التي تفيد في الوقاية من أكثر من 20 مرضًا خطيراً، مثل الدفتيريا والسعال الديكي، والكزاز والإنفلونزا والحصبة، لا يحمي اللقاح الشخص المتلقي وحده فقط، بل تعود فائدته على المجتمع بأثره من خلال منع العدوة ولهذا السبب كان هناك حملات تلقيح عالمية قادرة على القضاء على الكثير من الأمراض بشكل كامل مثل الطاعون وشلل الأطفال.
عند أخذ اللقاح يستجيب الجهاز المناعي بشكل مماثل تماماً لوجود العامل وينتج الأضداد التي تبقى بالجسم لفترة طويلة تصل إلى عقود أو حتى مدى الحياة، وعند الإصابة بالعامل الممرض في المستقبل تكون الأضداد جاهزة لاستقباله وحمايتك من الإصابة بالمرض، وهذا ما يجعل جرعة لقاح واحدة فعالة في الحماية من المرض.
أما المصل فهو أسلوب علاج أكثر مما هو أسلوب وقاية، يعطى للأشخاص عند إصابتهم بالمرض، يحتوي هذا المصل على الأضداد القاتلة للجراثيم، وهو كفيل بتخفيف فوعة المرض وتقليل مدة الإصابة.
يتم الحصول عليها عن طريق معالجة دم الأشخاص الذين أصيبوا وشفوا من الأمراض، وتنقيته من الخلايا الدموية ليبقى فقط السائل الذي يحتوي الأضداد، وقد أقرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA العلاج بالمصل وسمحت به وخاصة خلال الوباء الأخير الذي شهده العالم كوفيد19. وتستمر عملية تسريب المصل مدة ساعة أو ساعتين وقد تحمل معها بعض المخاطر، مثل حدوث بعض ردود الفعل التحسسية، أو انتقال العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، والتهاب الكبد B و C.