ما الاضرار الاقتصادية للتدخين
ما هي التأثيرات الاقتصادية للتدخين، التي تُضاف إلى أضراره على مستوى صحة المدخن، على صعيد الفرد والمجتمع وحتى العالم ككل؟
يتسبب التدخين في الكثير من الخسائر على جميع المستويات، فتجد قائمة الأمراض المصاحبة للتدخين طويلة، وتزداد معدلات الوفاة سنويًا بسبب التدخين، فتشير إحدى الإحصائيات في القرن الماضي إلى أن التدخين قد تسبب في وفاة حوالي 100 مليون إنسان في جميع أنحاء العالم، ومن المقدر أن يزيد المعدل إلى مليار إنسان في القرن الحادي والعشرين، ولا يقتصر الأمر على الأمراض الخطيرة التي تصيب الإنسان، بل تزداد الخسائر المادية يومًا بعد يوم، والتدخين يُشكل عبئًا اقتصاديًا هائلًا على المجتمع في جميع أنحاء العالم.
تشير التقديرات إلى أنَّ التكاليف الاقتصادية الإجمالية للتبغ تقلل من الثروة الوطنية بنسبة تصل لحوالي 3.6 %. على سبيل المثال أوروبا، فقد كلف التدخين الاقتصاد الأوربي في عام 2009م حوالي 544 مليار يورو وهو ما يعادل 4.6 % من إجمالي الناتج المحلي للإتحاد الأوربي، ووفقً لمنظمة الصحة العالمية، سيرتفع معدل الإنفاق على التبغ وفي عام 2030 م، ستحدث أربع حالات وفاة مرتبطة بالتبغ من كل خمس أفراد.
ويتسبب التدخين في الكثير من المشاكل المادية، فعندما يصبح التبغ من الاحتياجات اليومية الأساسية للإنسان فيحتاج إلى بذل المزيد من الجهد في العمل للحصول على المال الوفير أو أنه ينفق من دخله المحدود على التبغ، الذي يؤثر فيما بعد على صحته، فيحتاج للإنفاق على الرعاية الصحية، كما أن التدخين يؤثر على غير المدخنين بشكلٍ غير مباشر، وقد يتسبب في أذية غير المدخنين أيضًا، وتنتشر الأمراض التي تتسبب في غياب الموظفين وبالتالي انخفاض الإنتاجية، فيفشل النظام الاقتصادي للبلاد.
التدخين هي تلك العادة السّيئة التي اعتاد أغلب البشر ممارستها رغم تلقيها رفضًا دينيًّا، واجتماعيًّا، وصحيًّا، والتي أصبحت بمثابة “موضة” في وقتنا الحالي،.لهذه العادة أضرارٌ على صحة المدخن ومَن حوله، بالإضافة إلى أضرارها الاقتصادية التي يجهلها أغلب الناس، فكيف للتدخين أنّ يوثر على الاقتصاد؟؟
- أضراره الشخصية: يُكرس المدخن الربع من دخله الشهري تقريباً خصيصاً لعلب السجائر، وبهذا يتكّبد عليهم صرف أكوامٍ من المال لقتلِ أنفسهم، وحقيقة إذا استوعب المدخن مدى الخسائر المادية التي يجلبها لنفسه، وكم مشروعٍ، أو سفرةٍ قد يقوم بها بدلا من تبذير المال على سمٍ، سيذهل! ولا يمكن أنّ ننسى علب الأدوية المكدسة التي تزداد شيئاً فشياً، منها ما هو للسعال أو القلب، أو للرئتين، أو….، كلّ هذه خسائرٌ اقتصادية للفرد.
- أضراره العالمية: تمثلت اضرار التدخين على العالم بالتكاليف الضخمة التي تُفرض على أصحاب العمل بجانب المدخنين، وعلى المجتمع بأسره، فمهما حاولت الدول أنّ ترفع الضرائب على المواطنين من أجل الإقلاع عن التدخين، والتي تمثلت بزيادة سعر علبة السجائر 10% لم تلاقِ العديد من النتائج الإيجابية، فقد قدرت منظمة الصحة العالمية أضرار التدخين على العالم ما يقارب 500 مليار دولار سنوياً، وبهذا 15% من إجمالي نفقات الرعاية الصحية يتم استنزافه على التدخين في الدول ذات الدخل المرتفع، كما قد ترتفع ميزانية الدول لتصل إلى 4400 دولار، من أجل علاجات التدخين.
بالطبع تعلم أن للتدخين الكثير من الأضرار والمشاكل الصحية، فلا يقتصر ضرره على جزء محدد من الجسم، بل يسبب الكثير من الأضرار لمعظم أعضاء الجسم كالدماغ، والقلب، والرئتين، والمعدة، والعظام، والجلد، عدا عن كونه المسبب الأول لروائح الفم الكريهة، واصفرار الأسنان، ولا ننسى تأثيره على الخصوبة. بالإضافة إلى كل تلك الأضرار السابقة، للتدخين أضرار اقتصادية جمّة على الشخص بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، منها:
على مستوى الفرد: تعتبر تكاليف شراء علب السجائر مرتفعة كثيرًا، خاصةً إن كان المدخن يستهلك أكثر من علبة خلال اليوم، والتي إذا قمت بحسابها على مدى شهر كامل ستلاحظ أنها تتطلب الكثير من المال، هذا إن كنت لا تدخن أي نوع آخر غير السجائر كالنرجيلة. حيث تشترط شركات التأمين الصحي في بعض الدول على عملائها المدخنين دفع أجور أعلى من غيرهم غير المدخنين، كونهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة والمسؤولة عن تغطية تكاليفها.
على مستوى المجتمعي والدولي: للتدخين تأثيره الكبير على الاقتصاد الدولي والعالمي، سواء بتكاليف الإنتاج الباهظة، أو تكاليف الرعاية الصحية للناس المدخنين والتي يستهلك التدخين أكثر من 15% منها في الدول التي تعتبر من الدول ذات الدخل العالي بحسب منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى التكاليف التي تتحملها الدول للعلاجات الدوائية المستخدمة لإيقاف التدخين.
يعد التدخين ظاهرة العصر، بدأ منذ حوالي أربعة قرون في أمريكا عن طريق الهنود الحمر، وانتشر عن طريق حملات الاستكشاف لكريستوفر كولومبوس، وهو السوس الذي ينخر بصحة المجتمع، ويتلف مواردهم المادية. فبالرغم من آثاره الصحية الجلية للعيان، بما فيها السرطانات، والجلطات القلبية، وتلف الرئتين، والشيخوخة المبكرة، وقرحات المعدة، ونقص عمر الفرد المتوسط بمقدار حوالي عشرة سنوات، إلا أن هناك الكثير من الاضرار الاقتصادية للتدخين، منها:
- تؤدي المشاكل الطبية التي تنتج عن التدخين إلى زيادة تكاليف العلاج، وزيادة أيام الانقطاع عن العمل، وهذا ما يكلف قطاع التأمين مبالغة باهظة لتغطية تلك الاحتياجات، وينقص من إنتاجية قطاع الاقتصاد بشكل عام، بالإضافة لتأثيره على الأطفال -بما يسمى التدخين السلبي- ومعاناتهم من كثير من الأمراض المزمنة بما فيها الربو.
- إن تكلفة التدخين بحد ذاتها تعتبر مرتفعة، فهي تستهلك ما يقارب 15% من دخل الأسرة في المتوسط، وهذا ما ينتج عنه نقص المدخرات من أجل احتياجات العائلة الأخرى.
- تنفق شركات التبغ مبالغًا كبيرة في الضرائب والإعلانات، وإذا ما وزعت هذه الأموال على ناتج الاقتصاد بالمجمل فإنها ستدعمه، وبالرغم من أن بعض الدول تعتبر صناعة التبغ من أهم مصادر دخلها، إلا أنها تتسبب بكوارث صحية واقتصادية في دول أخرى.
- بينت العديد من الدراسات أن التدخين ينتشر في المجتمعات الفقيرة، وذلك لقلة الثقافة والتعليم من جهة، ونقص الوعي الصحي والاجتماعي الذي يعتبر من مسؤوليات القطاع الصحي، وهذا بدوره يفاقم المشكلة المتأصلة.