ماهي قصة عيد الغدير؟
تُعتير الأعياد مناسباتٍ اجتماعيّة هامّة، ولكلّ جماعة دينيّة أو طائفةٍ مُحدّدة أعياد خاصّة بها، فما هو عيد الغدير؟ وما هي قصته؟ ومن يحتفل به؟
في الواقع، تعتبر قصّة عيد الغدير من القصص الجدليّة بين الطوائف الإسلاميّة المختلفة؛
فالرّواية الشيعيّة تقول بأنّه في يوم 18 من شهر ذي الحجّة الهجري، خطب رسول الله محمد (ص) بالمسلمين الذين كانوا عائدين إلى المدينة المنوّرة بعد حجّة الوداع، و أوصاهم بأن يكون ابن عمّه عليّ بن أبي طالب خليفةً له بعد وفاته وإمامًا على المسلمين كافّة بأمر من الله، إذ قال (ص): “من كنت مولاه فعليٌّ مولاه”.
أمّا رواية الطّائفة السنيّة فتفيد بأنّ الرسول (ص) تحدّث بالفعل في خطبته عن فضائل عليّ وشجاعته وخصاله الحميدة، ومدح به وطلب من المسلمين طاعته ومحبّته، لكن دون أن يوصي له أو لأيّ أحد غيره بالخلافة والوصاية على المسلمين من بعده.
من الجدير بالذّكر أنّ تسمية عيد الغدير جاءت نسبة إلى المكان الذي توقّف فيه المسلمون لسماع خطبة الرّسول (ص) والذي يعرف ب “غدير خم”. كما يطلق عليه الشّيعة أيضًا اسم “عيد الولاية” نظرًا لكون رسول الله (ص) سلّم فيه ولاية المسلمين لعليّ بن أبي طالب (ع).
وبغضّ النّظر عن الرّوايتين التاريخيّتين، يعتبر عيد الغدير اليوم من أهم أعياد المسلمين (علمًا أنّ تاريخ بدء الاحتفال به غير معروف بدقّة)، وهو عطلة رسميّة في العديد من البلدان الإسلاميّة أهمّها: إيران، والنجف الأشرف في العراق، واليمن، ومصر سابقًا (على زمن الفاطميّين). وتتضمن أعراف هذا العيد وتقاليده العديد من مظاهر الاحتفال والفرح و ومجالس العبادة والذّكر.
يحمل الثامن عشر من ذي الحجة من كل عامٍ احتفالاتٍ. أهمية هذا العيد وضعته في ثالث الترتيب من حيث الأهمية من بين أهم الأعياد عند المسلمين وذلك بعد عيدي الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك.
حقيقة هذه المناسبة الدينية تعود الى إحدى رحلات الحج التي كان يقودها الرسول (ص) في طريق العودة إلى المدينة المنورة حيث توقف الرسول (ص) ومن معه في منطقة تدعى غدير خمّ. ذلك اليوم كان شديد الحر. عندها تم النداء إلى صلاة الجماعة وقد صعد الرسول (ص) الى أعلى تلةٍ ودعا إليه عليّ بن أبي طالب وجعله على يمينه ونادى الرسول (ص) بمعشر المصلين داعيًا لهم أن يبايعوا عليًّا إمامًا لهم ووليًا عليهم بأمرٍ من الله، وطلب الرسول من الناس موافقتهم على ما بعث الله به وأمر رسوله بفعله. بعد ذلك بايع الناس عليًّا ومنذ ذلك الحين تحتفل الطائفة الشيعية بهذا اليوم وسمي بالغدير نسبة إلى المكان الذي تمت فيه البيعة. ومنذ ذلك الحين تعتبر بيعة الغدير من أكثر الأحداث الدينية التاريخية التي يختلف على صحتها أهل الشيعة والسنة.
كما لعيد الفطر وعيد الأضحى مكانة دينية كبيرة فهناك أيضاً عيد الغدير، فهو من الأعياد البارزة حيث نُصّب الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أميراً للمؤمنين فيه، وكما يعلم أغلب الناس أن ذلك العيد نشأ من موقف في اجتماع للرسول عليه الصلاة والسلام مع الإمام علي وبعض أصحابه في مكان اسمه غدير خم، أما قصته الكاملة فهي كالتالي:
بعد عشر سنوات من هجرة النبي، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أتباعه بدعوة الناس في أماكن مختلفة للانضمام إليه في الحج الأخير (حجة الوداع)، في هذا الحج علمهم كيفية أداء الحج بشكل صحيح وموحد، حيث كانت هذه المرة الأولى التي يتجمع فيها كم كبير من المسلمين في مكان واحد بحضور رسول الله، وتحديداً في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 10 هـ (10 مارس 632 م).
بعد الانتهاء حجة الوداع، غادر النبي مكة نحو المدينة المنورة، حيث وصل هو وحشد من الناس إلى مكان يسمى (غدير خُم)، حيث نزلت الآية القرآنية التالية:
” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”
إذ كان النبي عليه الصلاة والسلام مدركاً لرد فعل الناس عند إيصال هذه الرسالة، لكن الله أخبره بآياته ألا يقلق، فهو سيحميه من الناس.
قضى رسول الله في مثل هذا اليوم قرابة خمس ساعات في ذلك المكان، ثلاث ساعات كان على المنبر يتلو ما يقرب من مائة آية من القرآن الكريم، وعلى مدى ثلاث وسبعين مرة ذكّر وحذر الناس من أفعالهم ومستقبلهم، ثم ألقى عليهم كلمة طويلة.
كل من يحتفل بعيد الغدير لابد وأن يعلم ما هي قصته وما الذي حدث وقتها حتى تحول لعبد يحتفل به بعض الطوائف الإسلامية، فإذا كنت لم تسمع بعد بحقيقة قصة عيد الغدير سأخبرك أنا بها.
بالعودة إلى زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتحديداً عندما أنهى حجة الوداع وانطلق مع المسلمين إلى المدينة المنورة حتى إذا وصل إلى منطقة تدعى غدير خم نزل عليه جبريل عليه السلام حاملاً له الآية التالية:
“يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس”.
عندها جمع الرسول محمد من أتى معه من المسلمين في ذلك الغدير ونادى المنادي إلى الصلاة جامعة، ثم دعا علي بن أبي طالب ليقف بجنبه وتوجه إلى المسلمين بكلام بليغ دعا فيه الله وحمده وأثنى عليه ثم قدم الموعظة للجميع، وبلغهم بأمر الله سبحانه وتعالى بتنصيب علي خليفةً من بعده.
ويذكر من خطابه الجملة التالية عندما رفع بيدي علي وقال للناس: (يا أيها الناس، ألست أولى بكم من أنفسكم؟). قالوا: بلى يا رسول الله. فقال النبي محمد: (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله).
وبذلك أصبح يوم 18 من ذي الحجة ذكرى تولية علي بن أبي طالب إماماً على المسلمين خلفاً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعيداً يحتفل به جزء من المسلمين ويعرف باسم عيد الغدير.