الملل أو الإصابة بفايروس كورونا، التحدي الذي نواجهه جميعًا في ظلّ هذه الجائحة العالمية، فأنت كغيرك من البشر الذين اضطروا للبقاء في المنزل، درءًا من خطر فيروس كورونا (التاجي)، وللحدّ من انتشاره، لكن وعلى الرغم من الفوائد الصحية للحجر المنزلي، إلّا أنّ تبعياته السلبية علينا، قد تكون أشدّ فتكًا من الفيروس بالنسبة للبعض، كالملل، فغالبًا ما كنت تقضي يومك بين العمل أو الجامعة أو المدرسة، بالإضافة للنشاطات الترفيهية التي قد تمارسها يوميًّا، ومع الإيقاف المفاجئ لهذا الإيقاع اليوميّ الصاخب للحياة، سيكون الشعور بالفراغ كبيرًا، ويبدأ الملل بالتسلل إليك، وعليك بمحاربته هو الأخر, فكيف تبقه بعيدًا عنك؟.للتعامل مع الملل عليك أن تعلم ماهيته وهو أسبابه، فالملل وفقًا لعض علماء النفس هو غياب الهدف، أن تقوم بأداء مهامك اليومية دون إيجاد سببٍ قيّمٍ أو هدفٍ من إنجازها، حتى لو كانت أعمالًا مجديةً، كعمل أطباء التخدير، أو المراقبين الجويين، فيلجأ البعض للحد المؤقت من هذا الشعور من خلال بعض التصرفات الخاطئة كزيادة تناول الطعام، أو شرب الكحول والتدخين بشكلٍ مبالغ به، ولكن عليك أن تجد حلًّا دائمًا، ومن الخطوات التي يمكنك إتباعها:
- البحث عن الأسباب وتذكير نفسك بها: وبشكلٍ عام عليك دوما أن تفكر فيما يحمله هذا العمل الذي قد يشعرك بالملل من فوائد تعود عليك أو ما يحمله من خير لغيرك، فحاليًا البقاء في المنزل قد يبدو لك مُملًّا وصعبًا، ولكن عندما تفكر في حماية نفسك وعائلتك من الإصابة بالفيروس سيتغير شعورك تدريجيًّا نحو البقاء في المنزل، فإذٍا عليك بإعادة صياغة نشاطك لتغير شعورك نحوه، وتذكير نفسك بشكلٍ مستمرٍّ بالهدف الأعظم لما تقوم به.
- البحث عن الإيقاع: فقدان الروتين اليومي يولّد فراغًا كبيرًا، ويخلق شعورًا متزايدًا بالملل، سواء كان ذلك نتيجة الحجر المنزلي اتقاءً لفيروس الكورونا، أو بسبب الاستقالة من العمل، أو غيرها، لذلك فإن الحل الأمثل هو بالبحث عن نشاطات جديدة تعطيك هدفًا جديدًا ومعنى أخر للحياة، وتحميك من الملل.
- المشي مع التيار: يُعدّ فقد الحرية من أصعب ما قد تواجهه خلال فترة الحجر بالإضافة للملل، فقد تشعر بالتقييد في اختيار النشاط الذي يناسبك ويبقيك مشغولًا، دون أن يكون كثير المتطلبات، فلا تشعر بالإحباط والملل، بل عليك إدراك أنه وضعٌ مؤقتٌ، ويمكنك أخذ استراحةٍ متى ما أردت، سواء كان النشاط يشكل تحديًّا كبيرًا بالنسبة لك، أو لا يرق لما ترغبه من التحدي.
- تجربة نشاطاتٍ جديدةٍ: كل هذا الوقت الفارغ الجديد يتيح لك فرصةً كبيرةً لاكتشاف هواياتك أو ممارسة نشاطاتٍ جديدةٍ، أو هواية قديمة كنت قد غبت عنها لانشغالك بالحياة العملية، فيمكنك أن تتقمص شخصية الطاهي المحترف بتجربة وصفات طعامٍ جديدةٍ، أو يمكنك السفر في خيالك إلى عوالم أخرى بقراءة روايات جديدة كنت تؤجلها منذ مدة، أو أن تستغلّ هذا الوقت بالحفاظ على لياقتك وتعلّم الرقص أو ممارسة الرياضة، مع الوقت لا تتخلّص فقط من الملل بل تُغذّي عقلك وروحك، وتكتشف مهاراتٍ جديدةٍ لم تعلم بامتلاكها مُسبّقًا.
- إفساح المجال للنشاطات السلبية: بعض النشاطات تستهلك مجهودًا ذهنيًّا وعقليًّا كبيرًا منك، فلا تقس على نفسك، يمكنك مشاهدة التلفاز عوضًا عن قراءة روايةٍ كلاسيكيةٍ من الأدب الروسي التي تستنفذ طاقاتك، امنح نفسك الإذن للاستمتاع بالملذات التي كانت تشعرك سابقًا بالذنب.
- التواصل مع الآخرين: يعد التحدث مع الأصدقاء ومشاركة الأفكار من أسهل النشاطات وأكثرها مردودًا، فأنت من المحظوظين في هذه الظروف الحالية إذا كنت معزولًا مع عائلتك أو مع شريكك في السكن، ويمكنك مشاهدة صورٍ قديمةٍ معًا، أو استذكار ذكرياتٍ جمعتكم معًا، كلّ ما تحتاجه هو حديثٌ عرضيٌّ أثناء ري أزهارك، أو تناولك لفنجان القهوة الصباحي، عندها يغيب إحساس الوحدة ويغيب معه إحساس الملل عندما تعلم أننا جميعًا تحت هذا الظرف.
الملل نفسه ليس سيئًا ولا جيدًا، فقط اختياراتك حول كيفية مواجهته تجعله كذلك.
الشعور بالملل، هو شعور يصيب جميع الناس بنسب متفاوتة بحيث يفقد الشخص الاهتمام بكل ما يجري من حوله، ولا يوجد أي شيء قادر على أن يلفت انتباهه، فيرى كل ما في العالم مملًا وسطحيًا ولا ضرورة له. وغالبًا ما يصيب الملل الانسان المقيد بالروتين، فتكرار الأشياء ذاتها مرة بعد مرة ويومًا بعد يوم يصيب الإنسان بشعور مقيت يجعله يفقد الاهتمام بكل شيء حوله، وفي حال قررت البحث في مواقع الإنترنت عن الأشياء التي تريد فعلها للتخلص من الملل فلا بد أنك قد بلغت مراحل متقدمة من هذا الشعور.
في الواقع لن تجدي مع شعورك بالملل الأشياء التي تقوم بها عادةً، فالكتب التي على رفوف مكتبتك لا بد أنها أصبحت غير مثيرة للاهتمام، كما أنك لم تعد تجد أن الجلوس ومشاهدة أفلام نتفلكس أصبح عادةً من عاداتك اليومية، ولقد اتصلت بمعظم أصدقائك بالفعل ومللت من الأحاديث المتكررة، ولكن لحسن حظك أن هناك العديد من الأمور التي تبدو للوهلة الأولى غير مجدية لكنها تملك تأثيرًا كبيرًا في الواقع لإخراجك من شعورك بالملل، فالخدعة تكمن في فعل أشياء لا تفعلها بشكل يومي وذلك أمر ضروري لكسر روتين الحياة المملة.
أول شيء يمكنك فعله هو الخروج للمشي، نعم بهذه البساطة، وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو غير مجدية نهائيًا إلا أن للمشي تأثيرًا كبيرًا جدًا على المزاج وتهدئة النفس ما يجعل روحك تشعر بالتجدد وخصوصًا إذا كان بإمكانك المشي في المناطق الجبلية ذات المناظر الخلابة.
وفي حال لم ترغب بالخروج من المنزل أو كان الطقس سيئًا فكل ما عليك القيام به هو أن تعيد تنظيف وترتيب قسم معين من منزلك، وبقدر ما تبدو الفكرة سخيفة، فإن لها مفعول السحر. من يريد أن ينظف ليتخلص من الشعور بالملل! قد يبدو لك هذا الكلام، كلام اخترعته والدتك لتجعلك تنظف غرفتك، ولكن على العكس تمامًا إن ترتيبك لخزانة ملابسك أو درج أدواتك أو حتى مكتبتك سيعطيك شعورًا رائعًا بالتجديد والحيوية وخاصة إذا أعدت ترتيب غرفتك وغيرت أماكن الخزانة والسرير والمكتبة، نعم أخرج مهندس الديكور الذي بداخلك واجعل حياتك مختلفة، فمن شأن هذه الخطوة أن تزيح عنك شعور الروتين وتشعرك بالتجديد لتستعيد الحياة رونقها في نظرك ثانيةً.
بإمكانك أيضًا أن تقوم بالقليل من التمارين العقلية الممتعة، فإبقاء عقلك منشغلًا بعض الألعاب التي تحتاج إلى تفكير قد يجعل جو الملل يختفي دون أن تشعر، ومن تلك الألعاب التي يمكنك القيام بها، حل الكلمات المتقاطعة، أو تعلم لعب الشطرنج، فالشطرنج تعد من أكثر الألعاب العقلية متعة وتحتاج إلى الكثير من التفكير والخدع الحربية والمناورات التي ستجعلك تنسى أنك تشعر بالملل تمامًا.
أو ببساطة تعلم فنون الطبخ، كل ما تحتاجه هو كتاب وصفات جديدة لم تتذوقها من قبل، أو حتى البحث عن طريقة إعداد الوجبات الخفيفة على يوتيوب، ومن ثم انهض إلى المطبخ وقم باختراع ألذ وجبة تجدها.