كيف يؤثر قطع اشجار الغابات في ظاهرة الاحتباس الحراري
نرى ونسمع من خلال وسائط المعلومات المختلفة الكثير عن العلاقة بين قطع الاشجار والاحتباس الحراري، ولكن كيف يؤثر قطع اشجار الغابات في ظاهرة الاحتباس الحراري
تحدث ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة تراكم الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاطات الصناعية للإنسان كغاز ثنائي أوكسيد الكربون في طبقات الغلاف الجوي، حيث تمتص هذه الغازات الأشعة تحت الحمراء، ما يؤدي لتقليل كمية الحرارة المنطلقة من سطح الأرض نحو الفضاء الخارجي، وحرارة الشمس المنعكسة عن سطح الأرض، ما يؤدي لارتفاع درجة حرارة طبقات الغلاف الجوي.
تأتي أهمية الغطاء الأخضر للأرض من غابات وأشجار في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري من قيام هذه الأشجار بعملية التركيب الضوئي، التي يقوم خلالها النبات بامتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون، وإطلاق غاز الاوكسجين، ما يساهم في تقليل نسب غاز ثنائي أوكسيد الكربون الموجودة في الجو، كما أن قيام البشر بقطع هذه الغابات يؤدي إلى انبعاث كميات كبيرة من الكربون من هذه الأشجار المقطوعة، ما يزيد من مشكلة الاحتباس الحراري.
من الأسباب الأُخرى لهذه الظاهرة:
- استخدام أنواع الوقود الأحفوري كالفحم، والنفط، والغاز الطبيعي في الصناعات والنشاطات البشرية، ما يؤدي لإطلاق كميات هائلة من الغازات الدفيئة في الجو.
- الزيادة في تربية قطعان الماشية كالأغنام والأبقار، حيث تقوم هذه الحيوانات بإطلاق كميات كبيرة من غاز الميثان أثناء عملية هضم الطعام.
- الزيادة في انبعاث الغازات المفلورة، الناتجة عن بعض الصناعات، حيث تمتلك هذه الغازات أثرًا حراريًا يفوق أثر غاز ثنائي الكربون بآلاف الأضعاف.
- استخدام الأسمدة التي تحتوي في تركيبها على النيتروجين.
تؤكد الكثير من الدراسات أن إزالة الأشجار من الغابات المطيرة، يؤدي إلى إطلاق غز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي بأكثر ما يفعله إجمالي السيارات والشاحنات على طرق العالم أجمع؛ ففي حين أن عادم السيارات مسؤول عن 14% من انبعاث الكربون العالمي، فإن قطع الأشجار يُساهم بنحو 15%.
فإزالة الأشجار تزيد من الإحتباس الحراري لسببين أولهما أنه عند قطعها تُطلق الكربون الذي يتم تخزينه في الغلاف الجوي، ويختلط بغازات أخرى تزيد من الاحترار العالمي؛ كما أنه من المعروف أن النباتات تعتمد على ثاني أكسيد الكربون في التنفس، وكلما تراجع عددها ارتفعت نسبة الكربون، بما يعني أن قطعها لا يحرم الأرض فقط من قدرتها على تنقية الهواء ولكنها نفسها تُطلق هذا الكربون في الجو من جديد.
ويؤكد صندوق الدفاع البيئي أن إزالة الغابات ستزيد من الكربون في الغلاف الجوي بمقدار 200 مليار طن في العقود المقبلة؛ ويعود سر قطع الأشجار إلى الفوائد الاقتصادية التي يُجنيها سكان البلاد الاستوائية منها سواء من بيع الأخشاب أو الفحم أو حتى تحويل أراض الغابات إلى مراعي وأراضي زراعية. ولا يعتبر الاحتباس الحراري هو التأثير السلبي الوحيد لقطع الأشجار، بل أنها تؤدي أيضًا إلى انقراض أنواع من الحيوانات والنباتات، حيث أن نصف الأنواع الحيوانية والنباتية في العالم تعيش في الغابات الاستوائية.
لذا يؤكد الكثيرون أن محاولات خفض الكربون في الجو سواء بايجاد طاقة نظيفة للمصانع، أو تنقية الوقود لن تُجدي نفعًا دون التقليل من معدل قطع الأشجار، لذا يتم رصد مليارات الدولارات لدعم اقتصاد البلاد النامية، وتحسين مستوى معيشة الأفراد لتقليل إزالة الغابات. وتعتبر البرازيل من أكثر الدول نجاحًا في هذا المسعى حتى الآن بتخفيض عملية إزالة الأشجار بنسبة 80% عام 2020.
الاحتباس الحراري “Global Warming” هو من المشاكل العالمية الأكثر خطورة، والتي تُلقي بتأثيرها السلبي على حياتنا بشكل مباشر، ويسعى العالم أجمع للحد من ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ، بينما يقوم فريق آخر بتدمير الثروة الشجيرة الطبيعية لتحقيق أهدافًا ربحيةً على حساب مصلحة البشرية بأسرها.
تقوم الأشجار بإنتاج غاز الأوكسجين O2 في عملية التركيب الضوئي وامتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 المنبعث من السيارات والمصانع وعمليات الاحتراق، والذي يشكل النسبة الأكبر من الغازات الدفيئة التي تساهم في احتباس الحرارة داخل الغلاف الجوي، كما تقوم الأشجار بدور المظلة التي تحجب أشعة الشمس نهارًا وتقوم بالاحتفاظ بها ليلا، في دور مصغر لما يقوم به الغلاف الجوي، ويؤدي قطع الأشجار إلى خلل في تقلب درجات الحرارة والذي يؤثر سلبًا على النباتات والحيوانات التي تعيش هناك.
تغطي الغابات اليوم ما يقارب 30% من مساحة اليابسة، إلا أننا فقدنا ما يقارب 1.3 مليون كيلومتر مربع من الغابات أخر 25 سنة، وتم تدمير ما يقارب 17% من غابات الأمازون خلال الخمسين العام الأخيرة، وتشير الإحصائيات إلى تزايد معدل قطع الأشجار عالميًا للاستفادة من الأخشاب في الصناعة أو إزالتها لمجرد تحويل الغابات إلى أراضٍ صالحة للزراعة.
ويكمن الحل هنا في إيقاف قطع الأشجار الجائر والعمل على زرع مليارات الأشجار في جميع أنحاء العالم، لأنها الطريقة الأنجح والأوفر لحل مشكلة الاحتباس الحراري ومعالجة المناخ العالمي، كما أن عملية التشجير هذه ربما تستغرق 100 عام للوصول إلى النتائج المرجوة.