لعل ما نقصده بعبارة “سرعة البديهة” تلك هو أن نفكر بسرعة في المواقف التي تحتاج منا تصرفًا أو ردًا سريعًا. لا أدري حقًا إذا ما كان هنالك شيء محدد يستطيع أن يمنحنا صفة مشابهة، لكن نستطيع العثور على بعض النصائح التي تخبرنا كيف نفكر على نحو أسرع. وجدت دراسة أُجراها باحثون بكلية الطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، ونُشرت في دورية علم الأعصاب “The Journal of Neuroscience” علاقة بين معدل الذكاء والتفكير بسرعة. أعطي الباحثون اختبارات لقياس ذكاء 92 شخصًا أُجريت عليهم الدراسة، ثم خضعوا لفحص للدماغ بتقنية تعرف بصورة مصفوفة الانتشار (DTI) وتوضح الكفاءة التركيبية للدماغ. وعند المقارنة بين سرعة أداء المشاركين، وصور أدمغتهم، لاحظ الباحثون وجود علاقة بين سرعة التفكير، والذكاء. وجدت الدراسة أيضًا دلالات على دور الجينات في تحديد سرعة الدماغ. لا يمكننا النظر إلى نتائج الدراسة باعتبارها حقيقة دامغة، فهي لم تختبر سوى 92 شخصًا فقط، فلا يسعنا تعميم نتائجها.
نستطيع جميعًا عبر التدريب المستمر تحسن أداء أدمغتنا، بحيث يمكن تشبيه الدماغ بعضلة يتحسن أداؤها عبر التمرين. أذكر هنا دراسة أجراها باحثون في جامعة كوينزلاند بخصوص سرعة التفكير (سرعة البديهة)، ونشر مقال بخصوصها في الدورية الشهيرة “Harvard Business Review”. لم يكن هدف الدراسة أن تعرف كيف نحسن من استجاباتنا، بل كانت تبحث تأثير ذلك على حياتنا الاجتماعية. وقد وجدت الدراسة التي أُجريت على مجموعات من الأصدقاء أن أولئك الذين يتمتعون بتفكير سريع لديهم أيضًا كاريزما أكثر. غير أن الدراسة لم تجد في النهاية غير فروق ضئيلة بين المشاركين.
إذا كنت تريد حقًا أن تتمتع بسرعة البديهة، ربما عليك أن تبدأ من الاهتمام بالصحة، فالعبارة القائلة بأن العقل السليم في الجسم السليم صحيحة تمامًا، والعلم لا يعامل أجسادنا وعقولنا على أنهما شيئان منفصلان. لذلك اهتم بالتدريب البدني، وبتناول الأطعمة المحتوية على فيتامين د المسئول عن الحفاظ على صحة الأعصاب. هنالك العديد من الأطعمة الغنية بفيتامين د، منها أسماك السالمون والسردين والتونا، كذلك البيض ولبن البقر وعصير البرتقال وعيش الغراب. عمومًا أجعل الخضر والفواكه جزء أساسي من حميتك الغذائية، ويمكنك أيضًا أن تتناول الشوكولاتة حيث تحفز الدماغ لإفراز الدوبامين، لكن لا تسرف في تناولها. لا تحرم نفسك نومًا هادئًا لمدة تتراوح بين 7-9 ساعات.
لن يفوتني أن أقدم الحل السحري لكل شيء تقريبًا – أنا أتكلم جادًا لا مازحًا – القراءة، أجل القراءة. ولعل هذه أفضل وأصدق نصيحة يقدمها إنسان لإنسان. حاول دومًا أن تتعلم شيئًا جديدًا، وأن تحافظ على فضولك تجاه اكتشاف الأشياء. فكما اتفقنا الدماغ أشبه بعضلة تتحسن مع التدريب، فكلما أضفت معرفة جديدة إلى دماغك ساعدته ليحسن من وظائفه المختلفة. إذا ما كنت تتساءل ماذا يمكن أن أتعلم على التحديد؟ يمكنك أن تتعلم لغة جديد، تساعدك على تجديد نمط تفكيرك. ولا تنسى التكرار فهو ربما السبيل الوحيد لإبقاء المعلومات في الدماغ لأطول فترة، ولا تنسى كذلك تدريب ذاكرتك باستمرار، من الممكن عبر حل الألغاز المنطقية والكلمات المتقاطعة.
لترقص، حقًا لترقص، فقد وجد أن الرقص يحسن مرضى الزهايمر شيئًا ما، لذا قد تكون له نتائج إيجابية على الصحة العقلية. من الأمور السهلة التي تستطيع القيام بها مضغ العلكة، حيث تزيد الإمداد الدموي للمخ فيحسن من وظائفه. وجدت دراسات أيضًا أن أنشطة معينة كركوب الدراجات يأتي بنتائج إيجابية على وظائف الدماغ.
أن نتصف بسرعة البديهة، يعني أنا تكون سريع في الإدراك والفهم.
تُعد سرعة البديهة من الصفات الفطرية لدى الإنسان، ولكن يمكن أيضًا تحسينها من خلال الممارسة والتحضير، والقدرة على ربط المعلومات السابقة بالحالية بسرعة، واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
هل سبق لك أن دخلت في جدال ولم تتمكن من إعطاء الرد الحكيم في الوقت المناسب؟ إنك لست الوحيد! جميعنا نتعرض لمثل هذه المواقف، لذلك يجب عليك بناء وتطوير مهاراتك؛ فقط اتبع هذه الخطوات البسيطة:
1. التدريب: تدرب على قدرات الاستجابة السريعة الخاصة بك. حاول مع نفسك في البداية!
2. زيادة الثقافة والحفظ: يمكن أن تساعدك القراءة والحفظ والممارسة في تحقيق أقصى استفادة من القدرات التي تمتلكها، وقد يساعدك ذلك في بعض التبادلات اللفظية الجيدة هنا وهناك. مثل المشاهير في مجالات مختلفة، على الرغم من ذلك، يبدو أن لديهم موهبة فطرية تتناسب مع سلوكهم واستعدادهم.
3. التواصل: تعوّد أن تكون اجتماعيًا قدر الإمكان، هذا سينمي لك قدراتك في الإدراك والردود السريعة.
4. استمع بكامل تركيزك: اعمل على مهارات الاستماع لديك. لا توجد صيغة سحرية لتطوير سرعة البديهة والاستيعاب، ولكن تحسين مهارات الاستماع لديك يمكن أن يساعد بشكلٍ كبير. انظر إلى الشخص الآخر، وركز على كلماته ومعناها. ستتكون لديك تلقائيًا ردود أكثر ذكاءً كاستجابة مباشرة لما قيل.
5. التركيز: تدرب على التركيز فيما يقال بدلًا من ترك ذهنك يتجول في محاولة صياغة الردود. لا توجد صيغة سحرية لتصبح سريع البديهة في المحادثات اليومية، ولكن يمكنك تحسين وجودك الذهني الكامل مع مرور الوقت.
6. ممارسة الرياضة: تُعد ممارسة النشاطات الرياضية أمر بغاية الأهمية لزيادة الاستجابة والتركيز والابتعاد عن تشتت الانتباه. بالأخص ممارسة تمارين التأمل، اليوغا. فهي ضرورية من أجل عمل الدماغ والجهاز العصبي بشكلٍ صحي وجيد.
7. الابتعاد عن التكنولوجيا: إن زيادة التكنولوجيا من حولنا من التلفاز إلى الموبايل وما يتضمنه من مواقع تواصل اجتماعي وألعاب الكترونية، يسبب تشتت كبير في الانتباه ويقلل من تركيزك ويؤخر من سرعة استجابتك لما يحدث من حولك، لذا تجنبها قدر الإمكان.
8. الثقة: كن واثق من نفسك ومن خياراتك، لا يمكنك أن تكون سريع البديهة وأنت تفتقد الثقة بنفسك.
9. الهدوء والحكمة: اهدأ! لا تكن إنسان عصبي حتى لا تؤذي أعصابك وإدراكك الجيد للأمور والمواقف التي تتعرض لها.
10. كن مرنًا: لكي تكون قادرًا وجاهزًا للرد والاستجابة السريعة لأي موقف يمكن أن تتعرض له.
11. النوم الكافي: لا تحاول أن تصبح سريع البديهة إن لم تكن تحظى على قدرٍ كافٍ من النوم!
12. فكر بصوتٍ عال: نعم! عندما تكون بمفردك فكر بصوتٍ مرتفع حتى تقوي إدراكك واستيعابك وذاكرتك للأمور التي تخطر في بالك، فهذا سيمرنك للاستجابة السريعة خلال اليوم.
تهانينا. أنت الآن شخص ذكي وسريع البديهة!
سيستغرق ذلك بعض الوقت اعتمادًا على قدراتك، لكنك مع الممارسة ستدرب دماغك وتفكيرك وجهازك العصبي على الإدراك وقوة الانتباه.