إنّ زراعتك للخضار المنزليّة تجربةٌ مثيرةٌ توفّر لك مشاهدة النباتات تنمو بالتدريج من البذور إلى وقت القطاف، ومعرفة أن مجموعة الخضروات التي جمعتها للتو ستكون على الطاولة في غضون ساعةٍ أو ساعتين من القطاف، أيضًا تناولك أنت وعائلتك المنتجات الصحيّة الطازجة الخالية من المواد الكيميائية.
عند اعتمادك فكرة انشاء مزرعتك المنزليّة الخاصّة لإنتاج الخضر يجب مراعاة النقاط التالية:
- تحديد مصادر المعلومات عن زراعة الخضروات واستجلابها والاطلاع عليها لتستفيد منها عند الحاجة.
- تحديد أصناف الخضار التي يزرعها البستانيون المنزليون على نطاقٍ واسعٍ في منطقتك.
- تحديد أصناف الخضروات التي يزرعها البستانيون في المنزل بشكل أقل شيوعًا.
- تقييم وتحديد العلاجات لمجموعة المشاكل الشائعة كالآفات والأمراض والأعشاب الضارة التي تؤثر على الخضار.
- تحديد طرق إدارة احتياجات المياه من الخضروات في حديقة المنزل.
- معرفة متى وكيفية حصاد أنواع مختلفة من محاصيل الخضروات.
- الإلمام بمجموعةٍ من طرق التخزين واستخدام الخضروات بعد الحصاد.
إذا كنت مبتدئًا بزراعة الخضر فأُفضّل أن تبدأ بزراعة الأنواع التي تُنتج سريعًا بعد فترةٍ قصيرةٍ من الزراعة لكيلا تقع فريسة الملل وضعف الاهتمام.
ما الخضروات التي يمكن أن تنمو بسرعةٍ؟
تنمو بعض الخضروات بسرعةٍ كبيرةٍ، بشرط توفر الظروف المناسبة، حيث يمكنك حصاد وتناول الخضار في غضون شهرٍ إلى شهرين بعد الزراعة ومن أهمها:
الفجل: هو واحدٌ من أسرع الخضروات نموًا، يمكن حصادها وتناولها في غضون 4 أسابيع من الزراعة في الربيع أو الخريف، كما يمكنك اختيار البقدونس حيث يبدأ جني الإنتاج في غضون أسابيع قليلةٍ من الزراعة.
بعد التقدّم قليلًا في هذا المجال يمكنك أن تنتقل إلى إنتاج ثمار بعض الخضار طويلة الأجل كالبندورة، ولكن أنصحك بالبدء بزراعة نباتاتٍ متقدمةٍ بالعمر (استقدم شتولًا كبيرةً وصلت لطور الإزهار وقم بزراعتها)، وفي غضون أسابيع قليلةٍ من الزراعة يمكنك جني ثمار البندورة.
بعد عدّة تجارب ناجحةٍ في الزراعة يمكنك الآن الانتقال لإنشاء مزرعتك المنزلية المتكاملة، لكن يجب اتباع الخطوات التالية:
- جهز الأرض بشكل مساكب مع ترك ممرات للخدمة بين مساكب الزراعة.
- اختر الأصناف المناسبة لمنطقتك والملائمة للمناخ، وحسب الفصل المناسب من السنة.
- استخدم تربةً جيدةً كوسطٍ للزراعة، وهذا أمرٌ ضروريٌّ للنمو الصحي والسريع، ويمكن تحسين جميع أنواع التربة بإضافة المواد العضوية كالروث الحيواني المتخمر.
- عند تحضير التربة للزراعة يُفضل تحسينها بإضافة السماد أو بعض المواد العضوية الأخرى، لكن تأكد من خلطها جيدًا في التربة، وتُستخدم الأسمدة السائلة في كثير من الأحيان لكن بتركيزٍ ضعيفٍ (عضويّةً كانت أو غير عضويّة) وتُعتبر بشكلٍ عامٍ أكثر فعاليةً في الحفاظ على نموٍ ثابتٍ من الأسمدة طويلة المفعول.
- اعتمد الاعتدال في كل شيءٍ فالإفراط في السماد يحرق النباتات والجذور كما الإفراط في الري يسبب الاختناق للجذور وزيادة الأعفان.
- ازرع المحاصيل الطويلة من حيث النمو، على الجانب الشمالي من أرض المزرعة، حيث لن تحجب أشعة الشمس عن المحاصيل الأخرى.
- من الضروري السيطرة على الآفات والأمراض وخاصّةً القواقع والرخويات، حاول استخدام منتجات آمنة خالية من المواد الكيميائية للسيطرة عليها، حيث تُعتبر زراعة مجموعاتٍ مختلفةٍ من الخضار كل موسم في مساكب مختلفة، من أهم الاستراتيجيات المتبعة في تثبيط بعض الآفات والأمراض وتقليل الحاجة إلى استخدام المواد الكيميائية وهذا ما يُعرف بالدورة الزراعية.
- كما ينبغي عليك مكافحة الأعشاب الضارة فهي تتنافس على المساحة والغذاء، ويُفضل التخلّص منها يدويًا قبل أن تُزهر وتُنتج البذور.
- التخطيط الجيد للمساحة أمرٌ مهمٌ حيث تُزرع الخضروات الدائمة معًا في قسمٍ واحدٍ، أو في مسكبةٍ منفصلةٍ حيث لن تتأثر بالاستعداد للزراعة، وتُزرع المحاصيل قصيرة العمر معًا في مسكبةٍ خاصةٍ بها، كما يجب زراعة المحاصيل التي تنضج في نفس الوقت تقريبًا معًا بحيث تتوفر مصطبةٌ كاملةٌ جاهزةٌ للتحضير للمحصول التالي بدلًا من البقع هنا وهناك.
في النهاية يُعتبر مفتاح النجاح في أيّ عملٍ هو التجربة والعمل الدؤوب، فلن تصل إلى نتيجةٍ دون اعتمادهما منهجًا لك، وهذا ما ينطبق على تعلّم الزراعة فلا بد لك من إعادة الكرّة لحين اتقان العمل.
إذا كنت تنوي ممارسة الزراعة المنزلية، سواء على سبيل الهواية أو لتوفير احتياجك الخاص بنفسك، فإن القرار حكيم على أي حال. فبالإضافة إلى العائد الذي تقدمه للبيئة بمساهمتك البسيطة، التي يتعاظم تأثيرها ولا شك إذا ما كنت مثالاً لمن حولك ليحذو حذوك، فإنك تحقق فوائد عليا لم تكن في حسبانك بالأساس عندما دارت الفكرة برأسك. ستساعد ممارسة الزراعة في تحسين حالتك البدنية والنفسية معاً، فالمجهود المبذول يعود بفوائد على صحة القلب والحالة البدنية، كما أن التعرض للشمس -الضروري ولا شك عندما تعمل بالزراعة- يساعد الجسم على تكوين فيتامين د مما يحسن من صحة العظام، هذا غير أن بعض الدراسات قد وجدت أن ممارسة كبار السن لزراعة الحدائق تحسن من وظائف الذاكرة لديهم. أما التأثيرات على الصحة النفسية فتشمل تقليل التوتر والقلق، وحتى الشعور بالسعادة.
الآن إذا انتقلت إلى المرحلة التالية، أي أن تشرع في تنفيذ قرارك، فإليك بعض النصائح التي تستطيع الاسترشاد بها:
- اختر مكانًا مشمسًا: كما نعلم جميعاً تحتاج أغلب النباتات للشمس للقيام بعملية التمثيل الغذائي لديها، المعروفة باسم البناء الضوئي. لذلك راعي اختيار مكان يصله ضوء الشمس.
- ازرع في تربة رطبة وجيدة التصريف: الزراعة في تربة جافة قد تؤدي إلى جفاف الجذور، لذلك تفضل التربة الرطبة. كذلك تحتاج إلى تصريف جيد حتى لا تتراكم المياه زائدة عن حاجة النباتات، ويمكنك لهذا أن تخطط القطعة التي تنوي زراعتها جيداً وتزودها بقنوات لتصريف المياه.
- ازرع في بيئة مستقرة: لا تزرع في مكان تهب فيه الرياح بقوة، كذلك تجنب الأماكن التي تتجمع فيها المياه، وبالتأكيد لا تسمح لأحد بأن يخطو فوق نباتاتك.
- ابدأ بمساحة صغيرة: بضعة أمتار ستكون كافية، فلا تفكر في حديقة كبيرة منذ البداية، عليك أولاً أن تتقن الأمر. بالضرورة ستواجه عقبات في البداية، وقد تفشل في بعض النواحي، وهنا ستساعد المساحة الصغيرة في تقليل احتمال الفشل وفي تقليل الخسائر إذا لم يتم جزء ما على وجهه الأمثل.
- اختر خضرواتك: عليك مراعات بضعة أمور في اختيار الخضروات، فهناك بعض الأنواع التي تسهل زراعتها مقارنة بغيرها، منها الطماطم والجزر والكوسة والسبانخ والفلفل والبطاطس والبصل. بطبيعة الحال اختر الخضروات التي تفضلها أنت وأفراد أسرتك، ولا تزرع كمية تفوق استهلاككم.
- ازرع الخضروات في الوقت المناسب لها: تفضل بعض الخضروات الفصول الباردة، ويفضل بعضها الآخر الفصول الحارة. الطماطم مثلاً تستطيع زراعتها في نهاية الشتاء أو بداية الربيع، ويكون حصادها في فصل الصيف. نفس الحال تقريباً ينطبق على البطاطس التي تُزرع في نهاية فبراير أو في مارس، وتُحصد في فصل الصيف. تستطيع زراعة البازلاء والبصل الأخضر في أي وقت طوال فصل الربيع، ولا تحتاج البازلاء سوى شهرين أو ثلاثة لتنضج، أما البصل الأخضر فلا يحتاج سوى ثمانية أسابيع. أنبهك إلى أن مواعيد الزراعة والحصاد تلك تختلف من منطقة لأخرى على حسب طبيعة المناخ، لذا حين تريد زراعة نبات معين تأكد من وقت زراعته في بلدك.
- آخر ما أستطيع تقديمه لك، أن أنصحك باللجوء إلى مختص، أو بالمزيد من البحث عبر الانترنت، حيث ستجد الكثير من مقاطع الفيديو التي تقدم نصائح للمبتدئين في الزراعة، بل ستجد حتى كورسات تعليمية في زراعة المحاصيل.